و"المسيح" -بفتح الميم، وتخفيف المهملة المكسورة، وآخره حاء مهملة- يُطْلَق على الدجّال، وعلى عيسى ابن مريم عليه السلام ولكن إذا أريد الدجّال قُيّد به.
وقال أبو داود في "السنن": "الْمِسِّيح" مثقّلًا: الدجّال، ومخففًا: عيسى، والمشهور الأول. وأما ما نقل الفِرَبْرِيّ في رواية المستملي وحده عنه، عن خلف بن عامر، وهو الهمداني أحد الحُفّاظ أن المسيح بالتشديد والتخفيف واحد، يقال للدجّال، ويقال لعيسى، وأنه لا فرق بينهما بمعنى لا اختصاص لأحدهما بأحد الأمرين، فهو رأي ثالث.
وقال الجوهريّ: من قال بالتخفيف فلمسحه الأرض، ومن قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين، وحكى بعضهم أنه قال بالخاء المعجمة في الدّجّال، ونُسِب قائله إلى التصحيف.
واختُلِف في تلقيب الدجّال بذلك، فقيل: لأنه ممسوح العين، وقيل: لأن أحد شقي وجهه خلق ممسوحًا، لا عين فيه، ولا حاجب، وقيل: لأنه يَمْسَح الأرض إذا خرج.
وأما عيسى عليه السلام فقيل: سُمّي بذلك لأنه خَرَج من بطن أمّه ممسوحًا بالدهن، وقيل: لأن زكريّا مسحه، وقيل: لأنه كان لا يَمسح ذا عاهة إلّا برئ، وقيل: لأنه كان يَمسح الأرض بسياحته، وقيل: لأن رجله كانت لا أخمص لها، وقيل: للبسه المسوح، وقيل: هو بالعبرانية ماشيخا، فَعُرِّب المسيحَ، وقيل: المسيح الصدّيق، وذكر صاحب "القاموس" أنه جمع في سبب تسمية عيسى بذلك خمسين قولًا، أوردها في "شرح المشارق".
و"الدّجّال": الخَدّاع الكَذّاب. فَعّال، من الدَّجل، وهو الخدع، والكذب، والتغطية، والمراد به هنا الكذّاب المعهود الذي سيظهر في آخر الزمان، وفي معناه كلُّ مفسد مضلّ.
والمراد بفتنة المسيح الدجّال هي ما يَظْهَر على يديه من الخوارق للعادة التي يُضِلّ بها مَن ضعف إيمانه، كما اشتملت عليه الأحاديث الكثيرة التي بيّنت خروجه في آخر الزمان، وما يَظهر معه من تلك الأمور، أعاذنا اللَّه تعالى من شر فتنته، بمنّه وكرمه آمين.