للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التنعّم بالمال، ومن ثمّ وقع التردد في تفضيل أحدهما على الآخر. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: استدلاله بحديث من "سنّ سنّة حسنة إلخ" على هذه المسألة فيه نظر؛ لأن الذين تسببوا هم فقراء الصحابة، فالاشتراك مع الأغنياء في الأجر قاصر عليهم، لا يتعدّاهم إلى غيرهم من الفقراء؛ لأن غيرهم لم يشاركهم في التسبب، فكيف يستدلّ به على تفضيل الفقير على الغني على الإطلاقّ؟، واللَّه أعلم.

وقال في "كتاب الأطعمة" عند قول البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "بابٌ الطاعمُ الشاكرُ مثل الصائم الصابر" فيه عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ما نصه: وفيه رفع الاختلاف المشهور في الغنيّ الشاكر والفقير الصابر، وأنهما سواء، كذا قيل، ومساق الحديث يقتضي تفضيل الفقير الصابر؛ لأن الأصل أن المشبَّه به أعلى درجة من المشبَّه.

والتحقيق عند أهل الْحِذْق أن لا يجاب في ذلك بجواب كلّيّ، بل يختلف الحال باختلاف الأشخاص والأحوال، نعم عند الاستواء من كل جهة، وفَرْضِ رفع العوارض بأسرها، فالفقير أسلم عاقبة في الدار الآخرة، ولا ينبغي أن يُعدل بالسلامة شيء. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقع في رواية وَرْقاء عن سُمَيّ عند البخاريّ في "الدعوات" في هذا الحديث: "تسبحون عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا"، ولم أقف في شيء من طُرُق حديث أبي هريرة على من تابع ورقاء على ذلك، لا عن سُميّ، ولا عن غيره، ويَحْتَمِل أن يكون تأوّل ما تأوّل سهيل من التوزيع، ثم ألغى الكسر، ويَعْكُر عليه أن السياق صريح في كونه كلام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال: وقد وجدت لرواية العشر شواهد، منها عن عليّ عند أحمد، وعن سعد بن أبي وقاص عند النسائيّ، وعن عبد اللَّه بن عمرو عنده، وعند أبي


(١) "الفتح" ٢/ ٣٨٥.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٧٣٠ - ٧٣١.