داود، والترمذيّ، وعن أم سلمة عند البزار، وعن أم مالك الأنصارية عند الطبرانيّ.
وجَمَع البغويّ في "شرح السنة" بين هذا الاختلاف باحتمال أن يكون ذلك صدر في أوقات متعددة، أوّلها عشرًا عشرًا، ثم إحدى عشرة إحدى عشرة، ثم ثلاثًا وثلاثين ثلاثًا وثلاثين، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك على سبيل التخيير، أو يفترق بافتراق الأحوال.
وقد جاء من حديث زيد بن ثابت، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم أن يقولوا كلّ ذكر منها خمسًا وعشرين، ويزيدوا فيها:"لا إله إلا اللَّه" خمسًا وعشرين.
ولفظ زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه-: أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونكبر أربعًا وثلاثين، فأُتِيَ رجل في منامه، فقيل له: أمركم محمد أن تسبحوا. . . فذكره، قال: نعم، قال: اجعلوها خمسًا وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح أتى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخبره، فقال:"فافعلوه"، أخرجه النسائيّ، وابن خزيمة، وابن حبان.
ولفظ ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: رأى رجلٌ من الأنصار فيما يرى النائم، فذكر نحوه، وفيه: فقيل له: سبح خمسًا وعشرين، واحْمَدْ خمسًا وعشرين، وكَبِّر خمسًا وعشرين، وهَلِّل خمسًا وعشرين، فتلك مائة، فأمرهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يفعلوا كما قال. أخرجه النسائيّ، وجعفر الفريابي.
واستُنْبِط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرةٌ، وإلا لكان يُمكن أن يقال لهم: أضيفوا لها التهليل ثلاثًا وثلاثين.
وقد كان بعض العلماء يقول: إن الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات، إذا رُتِّب عليها ثواب مخصوص، فزاد الآتي بها على العدد المذكور، لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص؛ لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمةٌ وخاصيّةٌ تفوت بمجاوزة ذلك العدد.
قال الحافظ أبو الفضل العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح الترمذيّ": وفيه نظر؛ لأنه أتى بالمقدار الذي رُتِّب الثواب على الإتيان به، فحصل له الثواب بذلك، فإذا زاد عليه من جنسه، كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله. انتهى.