للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (ذَكرَ) حذف مفعوله في هذه الرواية، وقد ذُكر في رواية البخاريّ، ولفظه: "فلما قام في مصلّاه ذكر أنه جُنُبٌ".

[تنبيه]: "ذَكَرَ" من باب نصر، مبنيًّا للفاعل: ضدّ نَسِيَ، قال الفيّوميّ: ذَكَرته بلساني، وبقلبي ذِكْرَى بالتأنيث، وكسر الذال، والاسم: ذُكْرٌ بالضمّ والكسر، نصّ عليه جماعة، منهم أبو عُبيدة، وابن قُتيبة، وأنكر الفرّاء الكسر في القلب، وقال: اجعلني على ذُكر منك بالضمّ لا غير، ولهذا اقتصر جماعة عليه، ويتعدّى بالألف والتضعيف، فيقال: أذكرته، وذَكَّرته ما كان، فتذكّر. انتهى (١).

(فَانْصَرَفَ) أي رجع إلى حجرته (وَقَالَ لَنَا: "مَكَانَكُمْ") بالنصب: اسم فعل، فسّره النحويون بـ "اثبتوا"، فيتحمل ضميرًا، ومنه قول الشاعر:

وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ … مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي

أي اثبتي، ويدلّ على ذلك جزم جوابه، وهو "تُحْمَدي".

وفسره الزمخشري بـ "الزموا"، واعترض عليه أبو حيان بأنه ليس بجيّد؛ إذ لو كان كذلك لتعدى كما يتعدى ما ناب هذا عنه، فإن اسم الفعل يعامَلُ معاملة مسماه.

وقال الحوفيّ: "مكانكم" نُصِب بإضمار فعل، أي الزموا مكانكم، أو اثبتوا.

وقال السمين الحلبيّ: إن مَن فسر بذلك قصد تفسير المعنى (٢).

ثم إن الظاهر أنه قال لهم: "مكانكم" نُطْقًا، ويَحْتَمِل أنه أشار إليهم بذلك، كما صرح به في حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- المذكور، ففيه إطلاق القول على الإشارة، ويَحْتَمِل أنه جمع بين القول والإشارة، واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا) جمع قائم كتِجَار بكسر التاء، جمع تاجر، ويجوز أن


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) راجع: تفسير السمين الحلبيّ المسمَّى "الدّرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" ٤/ ٢٦ - ٢٧.