للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون مصدرًا جاريًا على حقيقته، وقال الكرمانيّ: فهو تمييزٌ، أو محمول على اسم الفاعل، فهو حال.

وقال في "العمدة": إذا كان لفظ قيامًا مصدرًا يكون منصوبًا على التمييز؛ لأن في قوله: "فَعَدَّلنا الصفوفَ" فيه إبهام، فيفسِّره قوله: "قِيامًا"، أي من حيث القيام، وإذا كان جمعًا لـ "قائم" يكون انتصابه على الحالية، وذو الحال محذوف تقديره: وعدّلنا الصفوفَ حال كوننا قائمين. انتهى بتصرّف (١).

[فإن قيل]: إن حديث الباب يدلّ على أنهم انتظروه قيامًا، وحديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- المذكور قبل هذا: "إذا أُقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت"، يدلّ على النهي عن انتظاره قيامًا، فكيف يوفق بينهما؟.

[قلت]: تقدّم الجواب عن هذا بأن حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- وقع لبيان الجواز، وبأن صنيعهم هذا كان سببًا لنهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم في حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه-، واللَّه تعالى أعلم.

(نَنْتَظِرُهُ) أي ننتظر مجيئه (حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا، وَقَدِ أَغْتَسَلَ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً) -بكسر الطاء، وضمها- لغتان مشهورتان: أي يقطُر، وفي رواية للبخاريّ من طريق محمد بن يوسف، عن الأوزاعي: "ثم خرج ورأسه يقطر ماء، فصلى بهم". وعند الدارقطنيّ من وجه آخر عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فقال: "إني كنت جنبًا، فنسيت أن أغتسل".

(فَكَبَّرَ، فَصَلَّى بِنَا) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وظاهر هذه الأحاديث أنه لَمّا اغتسل وخرج لم يجددوا إقامة الصلاة، وهذا محمول على قرب الزمان، فإن طال فلا بدّ من إعادة الإقامة، ويدلّ على قرب الزمان في هذا الحديث قوله -صلى اللَّه عليه وسلم -: "مكانكم"، وقوله: "خرج إلينا، ورأسه ينطف ماء". انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: في قوله: "فإن طال، فلا بد من إعادة الإقامة" نظر؛ إذ لا دليل على ذلك، بل يردّه أنهم انتظروه طويلًا حين كان يناجي رجلًا بعد الإقامة للصلاة، ثم صلى، ولم تُعَدِ الإقامة (٣)، كما تقدم


(١) راجع: "عمدة القاري" ٣/ ٣٣٢.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ٢٠٣.
(٣) هو: ما أخرجه الشيخان عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: أقيمت الصلاة، والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- =