للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليهم، وقد سلَّم الإمام، ولم يتفرّقوا، فقد دخل في التضعيف، قال عطاء: كان يقال: إذا خرج من بيته، وهو ينويهم، فأدركهم، أو لم يُدركهم، فقد دخل في التضعيف.

هذا الموقوف أصحّ، وكذا قال أبو سلمة: من خرج من بيته قبل أن يسلّم الإمام، فقد أدرك.

ومعنى هذا كلّه أنه يُكتب له ثواب الجماعة لَمّا نواها، وسعى إليها، وإن كانت قد فاتته، كمن نوى قيام الليل، ثم نام عنه، ومن كان له عملٌ، فعجز عنه بمرض، أو سفر، فإنه يُكتب له أجره.

ويشهد لهذا ما أخرجه أبو داود، والنسائيّ من حديث أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من توضّأ، فأحسن الوضوء، ثم راح، فوجد الناس قد صَلَّوا، أعطاه اللَّه مثل أجر من صلّاها وحضرها، لا ينقُصُ ذلك من أجورهم شيئًا" (١).

وأخرج أبو داود من حديث سعيد بن المسيِّب، عن رجل من الأنصار، سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا توضّأ أحدكم، فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد، فصلّى في جماعة غُفِر له، فإن أتى المسجد، وقد صلَّوا بعضًا، وبقي بعضٌ فصلَّى ما أدرك، وأتمّ ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد، وقد صَلَّوا، فأتمّ الصلاةَ، كان كذلك" (٢).

وأخرج النسائيّ من حديث عثمان -رضي اللَّه عنه-، سمعت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من توضّأ للصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلّاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد، غُفِر له ذنبه" (٣).

ولا خلاف عن الشافعيّ وأحمد أن الجمعة لا تُدرك بدون إدراك ركعة تامّة؛ لأن الجماعة شرطٌ لها، وهذا مما يقوّي القول بان الجماعة لا تُدرك بدون إدراك ركعة.

والقول الثاني: أن المراد بإدراك الركعة في الجماعة إدراك جميع أحكام


(١) حديث صحيح، أخرجه أبو داود ١/ ١٥٤، والنسائيّ ٢/ ١١١.
(٢) حديث حسنٌ.
(٣) حديث صحيحٌ أخرجه النسائيّ ٢/ ١١١.