للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويبحثون عن أسراره، ومنه قول عمر بن الخطاب - وذكر امرأ القيس - فقال: افتقر عن معانٍ عُورٍ أصَحَّ بَصَرٍ، بَصَرًا، أي فتح عن معانٍ غامضةٍ مُبصرًا (١)، ورُوي في غير كتاب مسلم "يتقفّون" بواو مكان الراء، من قفوتُ أثره، أي تتبعته، وهو من القفاء، وكلّها واضح. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي حديث الْقَدَر "قبلنا ناسٌ يتفقّرون العلم"، هكذا جاء في رواية بتقديم الفاء على القاف، والمشهور العكس، قال بعض المتأخّرين: هي عندي أصحّ الروايات، وأليقها بالمعني، يعني أنهم يستخرجون غامضه، ويَفتحون مُغْلَقَه، وأصله من فَقَرْتُ البئرَ: إذا حفرتها لاستخراج مائها، فلما كان القدريّة بهذه الصفة من البحث والتتبّع لاستخراج المعاني الغامضة بدقائق التأويلات وَصَفَهم بذلك. انتهى كلامه (٣).

ووقع عند أبي نعيم في "المستخرج": "ويتفقّدون العلم" بالدال المهملة بدل الراء (٤).


= لأن معنى "وذكر من شأنهم" وعظّم أمرهم في العلم، بحيث يُكترث بقولهم، وإذا كانوا كذلك فالأشبه أن يُعبّر عنهم بما معناه يبحثون، لا يطلبون. اهـ "شرح الأبي" ١/ ٥٤.
(١) أثر عمر - رضي الله عنه - هذا ذكره ابن الأثير هكذا في "النهاية" ٣/ ٤٦٤ ولم يَعْزُهُ إلى من أخرجه، فالله تعالى أعلم.
وقال في "شرح الأبي" ١/ ٥٤: وقول عمر ذلك قاله للعباس حين سأله عن الشعراء، فقال: امرؤ القيس سابقهم، خسف لهم عن عين الشعر، فافتقر عن معان عُور أصحّ بصر، فخسف من الخسيف، وهي البئر تُحفر في الحجارة، فيخرج منها الماء الكثير، قال ابن رشيق: ومعنى عُور بضم العين يريد أنه يمانيّ النسب، نزاريّ الولد، واليمن ليس لها فصاحة نزار، ومع ذلك فقد ابتكر معاني عُورًا فتح عنها أصحّ بصر، قيل: ولم يسبق الشعراء لأنه قال ما لم يقولوا، ولكنه سبق إلى أشياء استحسنها الشعراء، فتبعوه فيها، فلهذا كان أول من لطف المعاني، فاستوقف على الطلول، وشبّه النساء بالظباء، والمهار البيض، وشبّه الخيل بالعقبان، وفرق في القصيد الواحد بين السب والمدح، وغير ذلك من محاسنه. انتهى.
(٢) "المفهم" ١/ ١٣٥.
(٣) "النهاية" ٣/ ٤٦٤.
(٤) "المستخرج" ١/ ٩٩.