للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: عندي أظهر الأجوبة وأرجحها جواب من قال بنسخ حديث خباب -رضي اللَّه عنه- بحديث المغيرة -رضي اللَّه عنه- الذي استدلّ به الطحاويّ عليه، قال: "كنا نصلي مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر بالهاجرة، ثم قال لنا: أبردوا بالصلاة"، وهو حديث رجاله ثقات، رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ونقل الخلال عن أحمد أنه قال: هذا آخر الأمرين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما قاله الحافظ في "الفتح" (١).

وقال في "التلخيص": وسئل البخاريّ عنه، فعدّه محفوظًا، وذكر الميمونيّ عن أحمد أنه رجح صحته، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هو عندي صحيح، وأعله ابن معين بما رَوَى أبو عوانة عن طارق، عن قيس، عن عمر موقوفًا، وقال: لو كان عند قيس، عن المغيرة مرفوعًا، لَمْ يفتقر إلى أن يُحَدِّث به عن عمر موقوفًا، وقوّى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك، واللَّه أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع: فتبيّن بهذا كلِّه أن الأكثرين على تصحيحه، ويؤيِّد ذلك ما تقدّم من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا كان البرد بكّر بالصلاة، وإذا كان الحرّ أبرد بالصلاة".

والحاصل: أن الراجح كون حديث خباب -رضي اللَّه عنه- منسوخًا، وأن أرجح المذاهب مذهب من قال بالإبراد في اشتداد الحرّ مطلقًا، سواء كان جماعةً، أو منفردًا؛ لقوة حجّته، ووضوحها، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه أعلم.

وقال العلّامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر نحو ما تقدم-: ولو سلّمنا جهل التاريخ، وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح؛ لأنَّها في "الصحيحين"، بل في جميع الأمهات بطرق متعددة، وحديث خباب في مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم، وكذا ما جاء بطرُقٍ. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣)، وهو تحقيق حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٢١.
(٢) "التلخيص الحبير" ١/ ١٨١.
(٣) "نيل الأوطار" ٢/ ٣٢ - ٣٣.