عن أحمد بن الفرج أبي عتبة، عن محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة، عن الزهريّ، ولفظه:"والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال"، أخرجه الدارقطنيّ عن المحامليّ، عن أبي عتبة المذكور بسنده، فوقع عنده:"على ستة أميال"، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، فقال فيه:"على ميلين، أو ثلاثة".
فتحصّل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين، وأبعدها مسافة ستة أميال، إن كانت رواية المحامليّ محفوظة.
ووقع في "المدونة" عن مالك: "أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال"، قال عياض: كأنه أراد معظم عمارتها، وإلا فأبعدها ثمانية أميال. انتهى. وبذلك جزم ابن عبد البرّ، وغير واحد، آخرهم صاحب "النهاية".
ويَحْتَمِل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي كان يذهب إليها الذاهب في هذه الواقعة، قاله في "الفتح".
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فسّر مالك العوالي بثلاثة أميال من المدينة، وقال غيره: هي مفترقة، فأدناها ميلان وأبعدها ثمانية أميال.
[تنبيه آخر]: ثم إن هذه الزيادة في هذا الحديث مدرجة من كلام الزهريّ في حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، بيّنه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ في هذا الحديث، فقال فيه -بعد قوله:"والشمس حيّة"- قال الزهريّ:"والعوالي من المدينة على ميلين، أو ثلاثة"، قاله في "الفتح".
(فَيأْتِي الْعَوَالِيَ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ) جملة حاليّة أيضًا من الفاعل، والارتفاع هنا دون الارتفاع في قوله:"كان يصلي العصر، والشمس مرتفعة"، ولكن لا تَصِل إلى أن توصف بالانخفاض، كما أفاده في "الفتح".
قال القرطبيّ: وهذا إنما يتّفق في الأيام الطويلة إذا عُجّلت العصر في أول وقتها، وفي الرواية الأخرى:"إلى قباء" مكانَ العوالي، وكلاهما صحيحُ الرواية والمعنى، فإن قباء من أدنى العوالي، وبينها وبين المدينة ميلان أو نحوهما، قاله الباجيّ. انتهى (١).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بهذه الأحاديث، وما بعدها المبادرة لصلاة