للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإنهم ما خالفوا النصّ، إلا لعدم وصوله إليهم، أو بلغهم إلا أنه عن طريق لا يرتضونها، أو تأوّلوه على حسب ما ظهر لهم، فأخطئوا في تأويله، إلى غير ذلك من الأعذار التي تبرئ ساحتهم أن ينزل فيها لوم وتوبيخ.

وأما هؤلاء الذين يقلِّدونهم في أخطائهم فليس لهم عذر، إلا أنهم يقولون: إن إمامهم أعلم من غيره، فلا ينبغي مخالفته، يا للعجب! هل إمامهم أعلم من الصحابة والتابعين، المخالفين له في تلك المسألة، القائلين بما وافق النصّ الصريح الصحيح؟! إن هذا لشيء عجاب!.

[تنبيه]: قد ذكرت جملة الأعذار التي يُعتذر بها عن الأئمة في "التحفة المرضيّة"، فقلت:

ثُمَّ اعْلَمَنَّ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ … مِنَ الأَئِمَّةِ إِمَامٌ يُلْحِدُ

بِخُلْفِهِ الرَّسُولَ مُطْلَقًا لِذَا … يَلْزَمُنَا إِعْذَارُهُمْ يَا حَبَّذَا

قَدْ فَصَّلَ الْمَسْأَلَةَ الْعَلَامَةُ … أَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ ذَاكَ الْهَامَةُ

فَقَالَ الاعْذَارُ (١) ثَلَاثَةً تُرَى … أَحَدُهَا أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ يَرَى

أَنَّ النَّبِيَّ قَالَهُ وَالثَّانِي … عَدَمُ الاعْتِقَادِ بِذَا الشَّانِ

أَيْ بِإِرَادَةِ النَّبِي وَالثَّالِثُ … تَوَهُّمُ النَّسْخِ فَمَا هُوْ لَابِثُ

وَهَذِهِ الأَصْنَافُ قَدْ تَفَرَّعَتْ … لِعِدَّةِ الأَسْبَاب فَاضْبِطْ مَا حَوَتْ

أَوَّلُهَا أَنْ لَا يَكُونَ وَصَلَا … لَهُ الْحَدِيثُ فالتَّكْلِيفُ قَدْ خَلَا

وَالثَّانِ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَصَلَهُ … لَكِنْ لِضُعْفِهِ أَبَى قَبُولَهُ

ثَالِثُهَا اعْتِقَادُ ضُعْفٍ خَالَفَهْ … سِوَاهُ فِيهِ لاجْتِهَادٍ حَالَفَهْ

رَابِعُهَا اشْتِرَاطُهُ فِي الْخَبَرِ … شَرْطًا يُخَالِفُهُ أَهْلُ النَّظَرِ

خَامِسُهَا أَنَّ الْحَدِيثَ ثَبَتَا … لَدَيْهِ لَكِنْ نَاسِيًا قَدْ فَوَّتَا

سَادِسُهَا عَدَمُ فَهْمِ مَا يَدُلْ … لَهُ الْحَدِيثُ أَيْ لأَسْبَابٍ تُخِلْ

سَابِعُهَا اعْتِقَادُهُ أَنْ لَيْسَ فِي … هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ دَلَالَةٍ تَفِي

ثَامِنُهَا اعْتِقَابٌ أَنْ عَارَضَا … تِلْكَ الدَّلَالَةَ دَلِيلٌ نَاقَضَا

تَاسِعُهَا اعْتِقَادُ أَنْ قَدْ وُجِدَا … مُعَارِضُ الْحَدِيثِ مِمَّا أَفْسَدَا


(١) بدرج الهمزة للوزن.