للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خمسة عشر يومًا، أو أربعًا وعشرين، أو أشهرًا، على أقوال (١).

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَلَأَ اللَّهُ) دعاء عليهم، وأخرجه في صورة الخبر تأكيدًا، وإشعارًا بأنه من الدعوات المجابة سريعًا، وملأَ بالماضي ثقةً بالاستجابة، فكأنه أُجيب سؤاله، فأخبر عن حصول إجابته ووقوعها (٢). (قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا) قال الأشرف -رَحِمَهُ اللَّهُ-: خصّهما بالذكر لأن أحدهما مسكن الأحياء، والآخر مضجع الأموات، أي جَعَلَ النار ملازمة لهم، لا تنفك عنهم، لا في حياتهم، ولا في مماتهم.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: دعا عليهم بعذاب الدارين، من خراب بيوتهم في الدنيا بنهب أموالهم، وسَبْي ذراريّهم، وهَدْم دُورهم، ومن عقاب الآخرة باشتعال قبورهم نارًا، ووقوع الزجر والنكال في جهنم خالدًا، فالأسلوب إما من المشاكلة؛ لذكره النار في البيوت، أو من الاستعارة، استعيرت النار للفتنة، وعلى الثاني هو من باب قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧] حيث استعمل "ملأ" في الحقيقة والمجاز. انتهى (٣).

(كمَا حَبَسُونَا) من باب ضرب: أي منعونا (وَشَغَلُونَا) أي منعونا، فهو مؤكّد لمعنى "حبسونا يقال: شَغَلَهُ الأمر شَغْلًا، من باب نَفَعَ، فالأمر شاغلٌ، وهو مشغولٌ، والاسم: الشُّغْل، بضمّ الشين، وتُضمّ الغين، وتسكّن للتخفيف، وقد تقدّم أن أشغل بالهمزة لا تثبت، وجعلها بعضهم لغة رديئة، فمن الأخطاء الشائعة ما اشتهر على الألسنة من قولهم في الدعاء: اللهم أشغله بنفسه، فتنبّه لذلك، وقوله: (عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى) تنازعه الفعلان قبله، وهو بتعريف "الصلاة"، و"الوُسطى" صفة لها.

والوُسْطى: فُعْلَى، مؤنثة الأوسط، وهي من الوسَطَ الذي هو الخِيَارُ، وليست من الوَسَط الذي معناه متوسط بين شيئين؛ لأن فُعْلى معناها التفضيل، ولا يُبْنَى للتفضيل إلا ما يَقْبَلُ الزيادة والنقص، والوسط بمعنى العدل والخيار


(١) راجع: "المرعاة شرح المشكاة" ٢/ ٣٣٩.
(٢) "المرعاة" ٢/ ٣٤٠.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٩٠٠.