للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسناده ضعف، وقاله غير واحد من السلف، منهم: عبد اللَّه بن بُريدة وغيره.

فالمحافظة على هاتين الصلاتين يكون سببًا لرؤية اللَّه في الجنّة في مثل هذين الوقتين، كما أن المحافظة على الجمعة سبب لرؤية اللَّه في يوم المزيد في الجنّة، كما قال ابن مسعود: "سارعوا إلى الجمعات، فإن اللَّه يبرُزُ لأهل الجنّة في كلّ جمعة على كثيب من كافور أبيض، فيكونون منه في الدنوّ على قدر تبكيرهم إلى الجمعات"، ورُوي عنه مرفوعًا، أخرجه ابن ماجه، ذكر هذا كلّه الحافظ ابن رجب في "شرح البخاريّ" (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث نصّ في ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، كما دلّ على ذلك قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، ومفهوم قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥]، قال الشافعيّ وغيره: لَمّا حَجَبَ أعداءه في السخط دلّ على أن أولياءه يرونه في الرضا.

والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا، في "الصحيحين" وغيرهما.

وقد أجمع على ذلك السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من الأئمة، وأتباعهم، وإنما خالف فيه طوائف من أهل البدع من الجهميّة، والمعتزلة، ونحوهم، ممن يردّ النصوص الصحيحة لخَيالات فاسدة، وشُبُهات باطلة يُخيِّلها لهم الشيطان، فيسرعون إلى قبولها منه، ويوهمهم أن هذه النصوص الصحيحة تستلزم باطلًا، وتسمّيه تشبيهًا، أو تجسيمًا، فينفرون منه، كما خَيَّل إلى المشركين قبلهم أن عبادة الأوثان ونحوها تعظيم لجناب الربّ، وأنه لا يُتوصّل إليه من غير وسائطَ تُعبَد، فتقرِّب إليه زُلْفًا، وأن ذلك أبلغ في التعظيم والاحترام، وقاسه لهم على ملوك بني آدم، فاستجابوا لذلك، وقَبِلوه منه، وإنما بحث اللَّه الرسل، وأنزل الكتب لإبطال ذلك كلّه، فمن اتّبع ما جاءوا به فقد اهتدى، ومن أعرض عنه، أو عن شيء منه، واعتَرَضَ، فقد ضلّ.

قال: وقد ظنّ المريسيّ ونحوه ممن ضلّ وافترى على اللَّه أن هذا


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٢٣ - ٣٢٤.