للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث يُردّ لما يتضمّن من التشبيه، فضلّ وأضلّ، واتّفق السلف الصالح على تلقّي هذا الحديث بالقبول والتصديق، قال يزيد بن هارون: من كذّب بهذا الحديث، فهو بريء من اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال وكيعٌ: من ردّ هذا الحديث، فاحسَبُوه من الجهميّة، وكان حسين بن عليّ الجعفيّ إذا حدّث بهذا الحديث قال: زعم المريسيّ (١). انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا.

وقال في "العمدة": استَدَلّ بهذه الأحاديث، وبالقرآن، وإجماع الصحابة، ومن بعدهم على إثبات رؤية اللَّه في الآخرة للمؤمنين، وقد رَوَى أحاديث الرؤية أكثر من عشرين صحابيًّا، وقال أبو القاسم: رَوَى رؤية المؤمنين لربهم عزَّ وجلَّ في القيامة أبو بكر، وعليّ بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وأبو موسى، وابن عباس، وابن عمر، وحذيفة، وأبو أمامة، وأبو هريرة، وجابر، وأنس، وعمّار بن ياسر، وزيد بن ثابت، وعُبادة بن الصامت، وبُريدة بن حُصيب، وجُنادة بن أبي أمية، وفَضالة بن عُبيد، ورجل له صحبة بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم ذكر أحاديثهم بأسانيد غالبها جَيِّد.

وذكر أبو نعيم الحافظ في "كتاب تثبيت النظر" أبا سعيد الخدريّ، وعُمارة بن رؤيبة، وأبا رَزِين العُقَيليّ، وأبا برزة، وزاد الآجُريّ في "كتاب الشريعة"، وأبو محمد عبد اللَّه بن محمد المعروف بأبي الشيخ في "كتاب السنة الواضحة"، تأليفهما: عديَّ بن حاتم الطائيّ بسند جيّد.

والرؤية مختصة بالمؤمنين ممنوعة من الكفّار، وقيل: يراه منافقو هذه الأمة، وهذا ضعيف، والصحيع أن المنافقين كالكفار باتفاق العلماء، وعن ابن عمر، وحذيفة: "مِن أهل الجنة مَن ينظر إلى وجهه غُدوةً وعشيةً".

ومَنَعَ من ذلك المعتزلة، والخوارج، وبعض المرجئة، واحتجُّوا في ذلك بوجوه:

[الأول]: قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: ١٠٣]، وقالوا: يلزم من نفي الإدراك بالبصر نفي الرؤية.


(١) هكذا النسخة، ولعل المعنى: أي قال قولًا باطلًا حيث أنكره.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣١٩ - ٣٢٠.