[الثاني]: قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي}[الأعراف: ١٤٣]، و"لن" للتأبيد، بدليل قوله تعالى:{قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا}[الفتح: ١٥]، وإذا ثبتٌ في حقّ موسى عليه السلام عدم الرؤية ثبت في حقّ غيره.
[الثالث]: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}[الشورى: ٥١]، فالآية دَلَّت على أن كل من يتكلم اللَّه معه، فإنه لا يراه، فإذا ثبتٌ عدم الرؤية في وقت الكلام، ثبت في غير وقت الكلام ضرورة أنه لا قائل بالفصل.
[الرابع]: أن اللَّه تعالى ما ذكر في طلب الرؤية في القرآن إلَّا وقد استعظمه، وذَمّ عليه، وذلك في آيات، منها قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)} [البقرة: ٥٥].
[الخامس]: لو صحت رؤية اللَّه تعالى لرأيناه الآن، والتالي باطل، والمقدَّم مثله.
ولأهل السنة ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة، قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢، ٢٣]، وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥]، فهذا يدل على أن المؤمنين لا يكونون محجوبين.
والجواب عن قوله تعالى:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] أن المراد من الإدراك الإحاطة، ونحن أيضًا نقول به.
وعن قوله:{لَنْ تَرَانِي}[الأعراف: ١٤٣] أنّا لا نسلم أن "لن" تدلّ على التأبيد بدليل قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}[البقرة: ٩٥] مع أنهم يتمنونه في الآخرة.
وعن قوله:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ} الآية [الشورى: ٥١] أن الوحي كلام يُسْمَع بالسرعة، وليس فيه دلالة على كون المتكلم محجوبًا عن نظر السامع، أو غير محجوب عن نظره.
وعن قوله:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى} الآية [البقرة: ٥٥] أن الاستعظام لِمَ لا