للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(الأول): أن راويه أبا موسى سمعه في آواخر الإسلام، وأنه فَهِمَ العموم، وكذا غيره فَهِم ذلك؛ لأنه خير فضل لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأمته.

الثاني: أن الفضائل لا تُنْسَخ.

الثالث: أن كلمة "مَن" شرطية، وقوله: (دَخَلَ الْجَنَّةَ) جواب الشرط، فكلُّ من أتى بالشرط، فقد استحقّ المشروط؛ لعموم كلمة الشرط.

ولا يقال: إن مفهومه يقتضي أن مَن لم يصلها لم يدخل الجنة؛ لأنا نقول: المفهوم ليس بحجة (١).

وأيضًا فإن قوله: "دخل الجنة" خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن مَن صلاهما، وراعاهما انتَهَى عما ينافيهما، من فحشاء ومنكر؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أو يكون آخر أمره دخول الجنة.

وأما وجه التخصيص بهما، فهو لزيادة شرفهما، وترغيبًا في حفظهما؛ لشهود الملائكة فيهما. انتهى (٢).

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والبردان: صلاة الصبح والعصر؛ لأنهما تُصلّيان في برد النهار من أوله، وأما الظهر فتُسمّى الْهَجِير، كما في حديث أبي بردة؛ لأنها تُصلّى بالهاجرة، ويقال للعصر والفجر: العصران، كذلك رُوي عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث فضالة الليثيّ، وأنه أوصاه بالمحافظة عليهما، أخرجه أحمد، وأبو داود.

وصلاة الصبح من صلاها فهو في ذمة اللَّه، كما في حديث جندب بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلّى الصبح، فهو في ذمة اللَّه، فلا تُخفروا اللَّه في ذمته"، رواه مسلم، وفي رواية له: "فلا يطلبنكم اللَّه من ذمته بشيء، فيدركه، فيَكُبّه في نار جهنم".

وقد رُوي مثله في صلاة العصر أيضًا أخرجه نعيم بن حماد في "كتاب الفتن" عن عبد العزيز الدراورديّ، عن زيد بن أسلم، عمن حدّثه أن


(١) هذا مذهب العينيّ، وهو مذهب الحنفيّة، والجمهور يرون كونه حجة بشروط مذكورة في كتب الأصول، فتنبّه.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٧١ - ٧٢.