للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو مذهب الأخفش من النحاة، وقوّاه ابن مالك في "التسهيل"، فقد جاء به في التنزيل العزيز قولُهُ تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] الآية، والتقدير: أن يُريكم، وأما نصب الفعل مع حذفها، فضرورة لا يقع في سعة الكلام، كما في قول الشاعر [من الطويل]:

أَلَا أَيُّهَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى … وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي

وإليه أشار ابن مالك في "الخلاصة"، حيث قال:

وَشَذَّ حَذْفُ "أَنْ" وَنَصْبٌ فِي سِوَى … مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى

(وَتَقْرَأُ) بفتح التاء، وضمّ الهمزة؛ لأنه مضارع قرأ، بمعنى: تقول، قال أبو زيد: أقرئني خَبَرًا: أخبرني به، وقال أبو حاتم السِّجِسَتاني: يقال: اقْرَأ عليه السلام، وأَقْرِئْهُ الكتابَ، ولا يقال: أَقْرِئْهُ السلامَ، إلا أن يكون مكتوبًا في كتاب، ويقال: أقرئه إياه، ولا يقال: أقرئه السلام، إلا في لغة شنوءة، نقله ابنُ بَطّال في "شرح البخاريّ" ١/ ٦٤.

وقال الفيّوميّ: وقرأت على زيد السلامَ أقرؤه عليه قراءةً، وإذا أمرت منه قلت: اقْرَأ عليه السلام، قال الأصمعيّ: وتعديته بنفسه خطأ، فلا يُقال: اقْرَاهُ السلامَ؛ لأنه بمعنى اتْلُ عليه، وحَكَى ابن القطّاع أنه يتعدّى بنفسه رُباعيًّا، فيقال: فلانٌ يُقْرِئك السلامَ. انتهى (١).

وقوله: (السَّلَامَ) بالنصب على المفعوليّة (عَلَى مَنْ عَرَفْتَ) متعلّقٌ بـ "تقرأ"، و"مَنْ" موصولة، وعائد الموصول محذوف، أي عرفته (وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ") أي لا تَخُصَّ به أحدًا تكبّرًا، أو تصنّعًا، بل تعظيمًا لشِعَار الإسلام، ومراعاة لأُخُوّة المسلم، فهذا أفضل أنواع إفشاء السلام، ويخرج من عموم ذلك من لا يجوز ابتداؤه بالسلام، كأهل الكتاب، عند جمهور العلماء، قاله ابن رجب رحمه الله تعالى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه": معنى: "تقرأ السلام على مَن عَرَفت ومن لم تعرف" أي تُسَلِّم على كل مَن لَقِيته عرفته أم لم تعرفه، ولا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٢.
(٢) انظر: "شرح البخاري" للحافظ ابن رجب ١/ ٤٤.