للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التهجيرَ بالصلاة، فمراده الأغلبُ ذلك؛ إذ أيام شدّة الحرّ قليلة بالنسبة إلى خلافها في المدينة. انتهى كلام الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو جمع حسن، واللَّه تعالى أعلم.

(وَ) كان يصلي (الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ) وفي رواية النسائيّ: "والشمس بيضاءُ نقيّةٌ"، والجملة في محلّ نصب على الحال، والرابط الواو، ومعنى نَقِيَّةٌ: خالصةٌ صافيةٌ، لم يدخلها بَعْدُ صفرةٌ، ولا تغيرٌ.

(وَ) كان يصلي (الْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ) أي غابت الشمس، وأصل الوجوب السقوط، كما سبق، وحُذف ذكر الشمس؛ للعلم بها، كقوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وجوبها سقوطها، كقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦]، والمعنى: إذا سقط قُرص الشمس، وذهب في الأرض، وغاب عن أعين الناس. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": المراد سقوط قرص الشمس، وفيه دليلٌ على أن سقوط قرص الشمس يدخل به وقت المغرب، ولا يخفى أن محلّه ما إذا كان لا يحول بين رؤيتها غاربةً، وبين الرائي حائل. انتهى (٤).

(وَالْعِشَاءَ) مفعول مقدّم لـ "يؤخّرها"، وقوله: (أَحْيَانًا) ظرف له، وهو بفتح الهمزة: جمع حِينٍ، وهو اسم مبهم يقع على القليل والكثير من الزمان، على المشهور، وهو المراد هنا، وإن كان جاء بمعنى أربعين سنة، وبمعنى ستة أشهر، قاله في "العمدة" (٥).

(يُؤَخِّرُهَا، وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُ) بحذف المفعول، أي يعجّلها، والمعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي العشاء في أوقات مختلفة، يقدِّم في بعضها، ويؤخِّر في بعضها، ثم بيّن معنى قوله: "أحيانًا يعجّل" بقوله: (كَانَ إِذَا رَآهُمْ) أي رأى الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (قَدِ اجْتَمَعُوا) في المسجد لصلاتها (عَجَّلَ) صلاة العشاء.


(١) "العدة حاشية العمدة" ٢/ ٢٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ١٤٥ - ١٤٦.
(٣) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٥١.
(٤) "الفتح" ٢/ ٥٠.
(٥) "عمدة القاري" ٥/ ٥٧.