للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجتمعوا، ولا يفعل فيها كما يفعل في العشاء، وهذا من أفصح الكلام، وفيه حذفان: حذف خبر "كانوا"، وهو جائزٌ، كحذف خبر المبتدأ في قوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}: أي فعدتهن مثل ذلك، ثلاثة أشهر، والحذف الثاني حذف الجملة التي هي الخبر؛ لدلالة ما تقدّم عليه، وحذف الجملة التي بعد "أو" مع كونها مقتضيةً لها.

وقال السفاقسيّ: تقديره: "أو لم يكونوا مجتمعين"، ويصحّ أن تكون "كان" تامّةً، غير ناقصة، فتكون بمعنى الحضور والوقوع، ويكون المحذوف ما بعد "أو" خاصّةً.

وقال ابن الْمُنَيِّر: يَحْتَمِل أن يكون شكًّا من الراوي، هل قال: كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو كانوا، ويَحْتَمِل أن يكون تقديره: والصبح كانوا مجتمعين مع النبيّ، أو كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده يصليها بغلس.

قال العينيّ بعد ذكر هذا كلّه: الأوجه ما قاله الكرمانيّ، وقول كلّ واحد من الثلاثة لا يخلو عن تعسّف، لا يخفى ذلك على المتأمّل. انتهى (١).

وقال الحافظ بعد ذكر نحو ما تقدّم: والتقدير المتقدِّم (٢) أولى، والحقّ أنه شكّ من الراوي، فقد وقع في رواية مسلم: "والصبح كانوا، أو قال: كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وفيه حذف واحد، تقديره: والصبح كانوا يصلونها، أو كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليها بغلس، فقوله: "بغلس" يتعلق بأيّ اللفظين كان هو الواقع، ولا يلزم من قوله: "كانوا يصلونها" أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن معهم، ولا من قوله: "كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-" أنه كان وحده، بل المراد بقوله: "كانوا يصلونها"، أي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابه، وهكذا قوله: "كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليها"، أي بأصحابه. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- هذا مُتّفقٌ عليه.


(١) "عمدة القاري" ٥/ ٥٧.
(٢) يعني تقدير الكرمانيّ.
(٣) "الفتح" ٢/ ٥١.