٦ - (ومنها): بيان استحباب تأخير العشاء إلى ثلث الليل، أو نصفه، والأول هو الأولى؛ لأن أكثر الروايات على الثلث، ولحديث:"ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط" رواه مسلم، وقد مرّ تحقيق القول فيه في موضعه، وللَّه الحمد والمنّة.
٧ - (ومنها): بيان كراهة النوم قبلها؛ لما فيه من التعرض لتفويتها، وهذا لمن ليس له موقظ أو نحوه.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": قال العلماء: وسبب كراهة النوم قبلها أنه يُعَرِّضها لفوات وقتها باستغراق النوم، أو لفوات وقتها المختار والأفضلِ، ولئلا يتساهل الناس في ذلك، فيناموا عن صلاتها جماعةً. انتهى.
٨ - (ومنها): بيان كراهة الحديث بعدها، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل، أو الذكر فيه، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار، أو الأفضل، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات، ومصالح الدنيا.
قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء، هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصا لحين، ومحادثة الضيف، والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس، والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة، ونحو ذلك، فكل هذا لا كراهة فيه، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه، والباقي في معناه، وقد تقدّم كثير منها في هذه الأبواب، والباقي مشهور.
ثم كراهة الحديث بعد العشاء، المراد بها بعد صلاة العشاء، لا بعد دخول وقتها، واتَّفَق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، كما ذكرناه.
وأما النوم قبلها، فكرهه عمر، وابنه، وابن عباس، وغيرهم من السلف، ومالك، وأصحابنا -رحمهم اللَّه تعالى أجمعين- ورَخَّص فيه عليّ، وابن