للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الإفصاح"، والشيخ أبو حامد الإسفرايني، ومتابعوه، القول بأنه كافر، قال أبو حامد، ومتابعوه: المعتزلة كفار، والخوارج ليسوا بكفار، ونقل المتولي تكفير من يقول بخلق القرآن عن الشافعيّ، وقال القفال، وكثيرون من الأصحاب: يجوز الاقتداء بمن يقول بخلق القرآن وغيره من أهل البدع، قال صاحب "العمدة": هذا هو المذهب.

قال النووي: وهذا هو الصواب، فقد قال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف يرون الصلاة وراء المعتزلة، ونحوهم، ومناكحتهم، وموارثتهم، وإجراء سائر الأحكام عليهم.

وتأول الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي، وغيره من أصحابنا المحققين ما نُقل عن الشافعي، وغيره من العلماء، من تكفير القائل بخلق القرآن على أن المراد كفران النعمة، لا كفران الخروج عن الملة، وحَمَلَهم على هذا التأويل ما ذكرته من إجراء أحكام الإسلام عليهم (١).

قال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومَن صلى صلاةً مِن بالغ مسلم، يقيم الصلاة، أجزأته، ومَن خلفه صلاتُهم، وإن كان غير محمود الحال في دينه، أيّ غاية بلغ، يخالف الحمد في الدين، وقد صلى أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خلف من لا يَحْمَدون فعاله، من السلطان وغيره. انتهى كلام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال ابن المنذر: إن كفر ببدعته لم تجز الصلاة وراءه، وإلا فتجوز، وغيره أولى (٣).

وقال الإمام المحقق أبو محمد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

ما نعلم أحدًا من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- امتنع من الصلاة خلف المختار، وعبيد اللَّه بن زياد، والحجاج، ولا فاسق أفسق من هؤلاء، وقد قال اللَّه تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢].

ولا برّ أبرّ من الصلاة وجمعِها في المساجد، فمن دعا إليها ففرض


(١) "المجموع شرح المهذّب" ٤/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) "الأمّ" ١/ ١٤٠.
(٣) "المجموع" ٤/ ٢٥٤.