إجابته، وعونه على البر والتقوى الذي دعا إليهما، ولا إثم بعد الكفر آثم من تعطيل الصلوات في المساجد، فحرام علينا أن نعين على ذلك، وكذلك الصيام، والحج، والجهاد؛ من عمل شيئًا من ذلك عملناه معه، ومن دعانا إلى إثم لم نجبه، ولم نعنه عليه. وكل هذا قول أبي حنيفة، والشافعي، وأبي سليمان -يعني داود الظاهري- رحمهم اللَّه تعالى. انتهى كلام ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وقال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما ملخصه: قد ثبتٌ إجماع أهل العصر الأول من بقية الصحابة، ومن معهم من التابعين إجماعًا فعليًا، ولا يبعد أن يكون قوليًا على الصلاة خلف الجائرين؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم، في كل بلدة فيها أمير، وكان الدولة إذ ذاك لبني أمية، وحال أمرائهم لا يخفى.
وقد أخرج البخاري عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف.
وأخرج مسلم، وأهل السنن أن أبا سعيد الخدريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- صلى خلف مروان صلاة في قصة تقديمه الخطبة على الصلاة، وإخراج منبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنكار بعض الحاضرين.
وأيضًا قد ثبتٌ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر بأنه يكون على الأمة أمراء يميتون الصلاة ميتة الأبدان، ويصلونها لغير وقتها، فقالوا: يا رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه، بم تأمرنا؟ فقال:"صلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم مع القوم نافلة"، ولا شك أن من أمات الصلاة، وفَعَلها في غير وقتها غير عدل، وقد أذن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصلاة خلفه نافلة، ولا فرق بينها وبين الفريضة في ذلك.
والحاصل أن الأصل عدم اشتراط العدالة، وأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره.
فالقائل بأن العدالة شرط، كما رُوي عن العترة، ومالك، وجعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب محتاج إلى دليل، ينقل عن ذلك الأصل.