للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وصلة بن زفر، والشعبيّ، والنخعيّ إعادة الصلاة في جماعة لمن صلاها في جماعة، وبه قال حماد بن زيد، وسليمان بن حرب.

واتفق أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه على أن معنى حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تصلوا صلاة في يوم واحد مرتين"، قالا: إنما ذلك أن يصلي الإنسان الفريضة، ثم يقوم، فيصليها ثانية، ينوي بها الفرض مرة أخرى، يعتقد ذلك، فأما إذا صلاها مع الإمام على أنها سنّة تطوع، فليس بإعادة للصلاة.

قال أبو عمر: قد علمنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أمر الذي صلى في أهله وحده أن يعيد في جماعة من أجل فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ؛ ليتلافى ما فاته من فضل الجماعة، إذا كان قد صلى منفردًا، والمصلي في جماعة قد حصل له الفرض والفضل، فلم يكن لإعادته الصلاة وجه، إلا أن يتطوع بها، وسنة التطوع أن يصلي ركعتين؛ لحديث: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، وللنهي عن القصد إلى التطوع بعد العصر والصبح. انتهى كلام أبي عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: فيما قاله أبو عمر نظرٌ لا يخفى، بل الظاهر إطلاق الإعادة للجميع، سواء صلى وحده، أو مع الجماعة؛ عملًا بظاهر النصّ؛ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنَزَّل منزلة العموم في المقال، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما استفصل مِحْجَنًا -رضي اللَّه عنه-، لَمّا قال له: قد صليت في أهلي، هل صلى وحده، أم صلى مع الجماعة؟ بل قال له: "إذا جئت، فصل مع الناس" (٢)، وكذا ما استفصل الرجلين، هل صلّيا وحدهما، أم صلّيا مع


(١) "التمهيد" ٤/ ٢٤٣ - ٢٤٧.
(٢) هو ما أخرجه النسائيّ من طريق زيد بن أسلم، عن رجل من بني الديل، يقال له: بسر بن مِحْجَن، عن مِحْجن، أنه كان في مجلس مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأُذِّن بالصلاة، فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم رجع، ومحجن في مجلسه، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما منعك أن تصلي، ألست برجل مسلم؟ " قال: بلى، ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جئت، فصلِّ مع الناس، وإن كنت قد صليت"، حديث صحيح.