للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجماعة، أو أنه محمول على الترك تهاونًا وقِلَّةَ مبالاة بها، كما زعمه بعضهم، فغير صحيح، واللَّه تعالى أعلم.

وقال الكمال ابن الهمام -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وتسميتها سنّةً على ما في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- لا حجة فيه للقائلين بالسنّيِّة؛ إذ لا تنافي الوجوب في خصوص ذلك الإطلاق؛ لأن سنن الهدى أعمّ من الواجب لغةً، كصلاة العيد. انتهى.

وقد يقال لهذا الواجب سنةٌ؛ لكونه ثبت بالسنّة، أي بالحديث، قاله في "المرعاة" (١).

[تنبيه]: قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والأثر استُدلّ به على وجوب صلاة الجماعة، وفيه أنه قوله صحابيّ، ليس فيه إلا حكاية المواظبة على الجماعة، وعدم التخلّف عنها، ولا يُستدلّ بمثل ذلك على الوجوب. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "ولا يُستدلّ. . . إلخ" فيه أنه لا يُستبعد الاستدلال به؛ لأن مثل هذا الأسلوب من مثل ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- من فقهاء الصحابة دالّ على أنه فهم من الأدلّة الوجوب، على أن الاستدلال بمثل هذا إنما هو تأكيد للأدلّة الأخرى المرفوعة الدالّة على الوجوب، وقد تقدّم بيانها، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ) وفي رواية النسائيّ: "وما من عبد مسلم يتوضّأ" (فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ) بضمّ الطاء المهملة بمعنى الطهارة، وأما بفتحها، فاسم لما يُتطهّر به، ولا يناسب هنا، لكن أثبت بعض اللغة أن المفتوح أيضًا يكون بمعنى الطهارة، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في أول "كتاب الطهارة"، فارجع إليه تزدد علمًا، وباللَّه تعالى التوفيق.

ومعنى إحسان الطُّهُور: أن يأتي بواجباته، ومستحباته.

(ثُمَّ يَعْمِدُ) بفتح أوله، وكسر ثالثه، أي يقصد، ويتوجّه، يقال: عَمَدتُ للشيء عَمْدًا، من باب ضرب، وعَمَد إليه: قصدتُ، وتعمّدتُهُ: قصدت إليه أيضًا (٢). (إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ)، أي مساجد المسلمين، وفي رواية النسائيّ: "ثم يمشي إلى صلاة" (إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا) "الْخَطْوَةُ"


(١) "المرعاة شرح المشكاة" ٣/ ٥٢٠.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٨.