زيدت عليها "ما"، لتكفّها عن عملها الخفضَ لِمَا دخلت عليه، ومثلها "بينا" زيدت عليها الألف، في بعدهما مرفوع بالابتداء في اللغة المشهورة، ومنهم من يخفضه، كقول الشاعر:
رُوي بخفض "تعانقه" ورفعه، وعلى هذا فـ "ما"، والألف ليستا للكفّ.
ويكثر اقتران جوابهما بـ "إذ"، و"إذا" الفجائِيَّتَيْن، كما في هذا الحديث، حيث قال:"إذ طلع"، وتقول: بينما زيد جالسٌ إذ دخل عليه عمرو، وإذا دخل عليه عمرو، ومنه قوله [من الطويل]:
وقد يجيء بدونهما، فتقول: بينا زيد جالسٌ، دخل عليه عمرو (١).
وقال صاحب "النهاية": "بينا" هي "بين" فأُشبعت الفتحة، فصارت ألفًا، يقال:"بينا"، و"بينما" وهما ظرفا زمان، بمعنى المفاجأة، ومُضافان إلى جملة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتمّ به المعنى، كما يستدعي "إذا"، والأفصح في جوابهما أن لا يكون فيه "إذ"، و"إذا"، وقد جاء في الجواب كثيرًا، وفي "اللباب": قال الأصمعيّ: لا يُستفصح إلَّا طرحهما في جواب "بينا"، و"بينما"، وأنشد:
لأن الظاهر أن العامل في "بينا" هو الجواب، كما في "إذا" الزمانيّة على الصحيح، ويلزم تقدّم ما في حلة المضاف إليه على المضاف، قال شارحه:"بينا"، و"بينما" ظرفان متضمّنان لمعنى الشرط، فلذلك اقتضيا جوابًا، والقياس أن لا يكون "إذا" في جوابه، فعلى هذا يكون "أتانا" عاملًا في "بينا"، مع أنه مضاف إليه، لا يتقدّم على المضاف، وفيه نظر، انتهى كلامه.
قال الطيبيّ: فيقال: لا ريب أن عمر وأبا هريرة - رضي الله عنهما - كانا أفصح من الشاعر، وقد أتيا بـ "إذ" في الحديث، فحينئذ يكون العامل معنى المفاجأة في "إذ"، كما قرّر صاحب "الكشّاف" في قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ