للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: ٤٥] أن العاملَ في "إذا" المفاجأة، تقديره: وقتَ ذكر الذين من دونه فاجئوا وقت الاستبشار، فمعنى الحديث: وقتَ حضورنا في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجأنا وقع طلوع ذلك الرجل، فحينئذ "بينا" ظرف لهذا المقدَّر، و"إذا" مفعول به بمعنى الوقت، فلا يلزم إذًا تقدَّم معمول المضاف إليه على المضاف، وقد ساعد هذا القول صاحب "اللباب" بعد ذلك بقوله: والعامل فيهما الجواب إذا كان مجرَّدًا من كلمتي المفاجأة، وإلا فمعنى المفاجأة المتضمّنة هما إياه، وقوله: "هما": أي "إِذْ"، و"إِذا"، و"إياه" أي ذلك المعنى، ويدلُّ على تضمّنهما معنى الشرط التصريح بالفاء في الجواب في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بينا يضحكهم، فطعنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … " الحديث، رواه أبو داود عن أُسيد بن حُضير (١). انتهى كلام الطيبيّ رحمه الله تعالى (٢).

(ذَاتَ يَوْمٍ) أي يومًا من الأيام، فـ "ذات" مقحمة، وقيل: هي من إضافة الشيء لنفسه، على رأي من يُجيز ذلك.

وقال السنوسيّ رحمه الله تعالى: "ذات" صلة للتوكيد، ترفع احتمال أن يراد باليوم مطلق الزمان، فهي مع اليوم بمنزلة رأيت عين زيد، وهو ظرف، والعامل فيه معنى الاستقرار الذي في الخبر. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ رحمه الله تعالى: "ذات يوم" ظرف لمعنى الاستقرار في الخبر، و"ذات" يجوز أن تكون صلة، قال صاحب "النهاية": في الحديث: "يَطلُع عليكم رجل من ذي يمن على وجهه مسحة من ذي ملك"، كذا أورده عمر الزاهد، وقال: "ذي" هنا صلةٌ، وأن تكون غيرَ صلةٍ، وفي "المغرب": "ذو" بمعنى الصاحب، تقول للمرأة: امرأة ذات مال، ثم أجروها مُجرى


(١) هو ما أخرجه أبو داود في "سننه" (٥٢٢٤) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أُسيد بن حُضير رجل من الأنصار قال: بينما هو يحدث القوم، وكان فيه مِزاح، بينا يُضْحِكهم، فطعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في خاصرته بعود، فقال: أصبرني، فقال: "اصطبر"، قال: إن عليك قميصًا، وليس عليّ قميصٌ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قميصه، فاحتضنه، وجعل يُقَبِّل كشْحَهُ، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٢١.
(٣) "شرح الأبيّ" ١/ ٥٩.