للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأسماء التامَّة المستقلّة بأنفسها، فقالوا: ذات قديمة أو مُحدثةٌ، ثم استعملوها استعمال النفس والشيء، فعلى هذا قوله: إ ذات يوم" يفيد من التوكيد ما لا يفيده لو لَمْ يُذكَر؛ لئلا يُتوفم التجوّز إلى مطلق الزمان، نحو قولك: رأيت نفس زيد، وقولك: رأيت زيدًا. انتهى (١).

(إِذْ طَلَعَ) قال الأبيّ: لَمْ يقل: دخل؛ إشعارًا بعظم الرجل؛ لأنه استعارة من طلعت الشمس، وفي ضمن كلامه أنهم تعجّبوا من سورة إتيانه الموهمة أنه جنيّ، أو ملكٌ؛ لأنه لو كان بشرًا لكان إما من المدينة، أو قربها، والأول منتفٍ؛ إذ لَمْ يعرفه منهم أحدٌ، والثاني كذلك؛ إذ ليس عليه أثر سَفَرٍ ونحوه. انتهى (٢) (عَلَيْنَا رَجُلٌ) أي ملك، في صورة رجل، و"إذ": هي الفجائيّة: أي فاجأنا طلوع رجل، و"طلع علينا" من باب منع، ونصر: أي أتانا، ومثله "اطّلع"، أفاده في "القاموس". (شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَاب، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ) بفتح العين المهملة، وسكونها، زاد في رواية ابن حبّان: "سواد اللحية" (لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ) ببناء الفعل للمفعول، وفي "مستخرج أبي نعيم": "لا نَرَى عليه أثرَ سفر، ولا يعرفه منا أحد".

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرحه" لهذا الكتاب: ضبطناه بالياء المثنَّاة، من تحتُ المضمومة، وكذلك ضبطناه في "الجمع بين الصحيحين"، وغيره، وضبطه الحافظ أبو حازم العُذْريّ بالنون المفتوحة، وكذا هو في "مسند أبي يعلى الموصلى"، وكلاهما صحيح. انتهى.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا مشهور رواية هذا اللفظ "يُرى" مبنيًّا لما لَمْ يُسمّ فاعله بالياء باثنتين من تحتها، "ولا يعرفه" بالياء أيضًا، وقد رواه أيو حازم العذريّ: "لا نَرى عليه أثر السفر، ولا نعرفه" بالنون فيهما، مبنيًّا للفاعل، ونون الجماعة، وكلاهما واضحُ المعنى. انتهى.

ووقع في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاريّ في "التفسير": "إذ أتاه رجل يمشي"، وفي حديث أبي هريرة، وأبي ذز عند النسائيّ: "وإنا لجلوس، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلسه، إذ أقبل رجل، أحسن الناس وجهًا، وأطيب الناس


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٢٢.
(٢) المصدر السابق.