للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرآن، وأخرج أيضًا عن عكرمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: كنا نأخذ الصبيان من الكُتّاب، فنقدمهم يصلّون لنا شهر رمضان، ونعمل لهم القلية (١)، والخشكنان (٢).

قال: وممن كان يرى ذلك جائزًا، الحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور، وقال الزهري: إن اضطرُّوا إليه أمّهم.

وكَرِهَت طائفة إمامة من لم يبلغ، كَرِه ذلك عطاء، والشعبيّ، ومجاهد، ومالك، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وذُكر لأحمد حديث عمرو بن سَلِمَة؟ فقال: دَعْهُ، ليس هو شيء بَيِّنٌ، حيث أنْ نقول فيه شيئًا، وقال الأوزاعي: لا يؤم الغلام في الصلاة المكتوبة حتى يحتلم، إلا أن يكونوا قومًا ليس معهم من القرآن شيء، فإنه يؤمهم الغلام المراهق.

وقد رَوَينا عن ابن عباس أنه قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم.

وفيه قول ثالث، وهو أن لا تجزئ الجمعة خلف الإمام الذي لم يحتلم، ويؤم في سائر الصلوات، هذا قول الشافعي آخر قوله، وكان يقول إذ هو بالعراق: ومن أجزأت إمامته في المكتوبة أجزأت إمامته في الْجُمَع، والأعياد، غير أني أكره في الْجُمَع والأعياد إمامة غير الوالي.

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إمامة غير البالغ جائزة إذا عَقَل الصلاة، وقام بها، لدخوله في جملة قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم. . . "، لم يذكر بالغًا، ولا غير بالغ، والأخبار على العموم، لا يجوز الاستثناء فيها إلا بحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو إجماع، لا أعلم شيئًا يوجب بدفع حديث عمرو بن سَلِمة، ويدخل في قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه. . . " تقديم الابن على الأب إذا كان أقرأ منه. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).


(١) "الْقَلِيّةُ" كالعطيّة: والجمع قَلَايَا: مَرَقَةٌ تُتَّخَذ من لحوم الجزور، وأكبادها، أفاده في "اللسان" ١٥/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) "الْخَشْكُنَان": خبزة تُصنع من خالص دقيق الحنطة، وتُملأ بالسكّر واللوز، أو الْفُستُق، وتُقلى، فارسيّ، قاله في "المعجم الوسيط" ١/ ٢٣٦.
(٣) "الأوسط" ٤/ ١٥٠ - ١٥٢.