للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن منظور: و"الوطأة" موضع القَدَم، وهي أيضا كالضَّغْطَة، و"الوَطْأَة": الأخذة الشديدة، وفي الحديث: "اللَّهم اشدد وطأتك على مضر"، أي خذهم أخذًا شديدًا، وذلك حين كَذَّبُوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعا عليهم، فأخذهم اللَّه بالسنين، ومنه قول الشاعر [من الكامل]:

وَوَطِأْتَنَا وَطْئًا عَلَى حَنَقٍ … وَطْءَ الْمُقَيَّدِ نَابِتَ الْهَرْمِ

وكان حماد بن سلمة يروي هذا الحديث: "اللهم اشدُدْ وَطْدَتَكَ على مضر"، والْوَطْدُ -أي بالدال-: الإثباتُ والغَمْزُ في الأرض. انتهى (١).

(عَلَى مُضَرَ) -بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة-: اسم قبيلة، سُميت باسم مضر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عدنان، وهو غير منصرف للعلمية والعدل، كما قال في "الخلاصة":

وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إِنْ عُدِلَا … كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أَوْ كَثُعَلَا

وقال في "العمدة": وهو شَعْبٌ عظيم، فيه قبائل كثيرة، كقريش، وهذيل، وأسد، وتميم، وضَبَّةَ، ومُزَينة، والضباب، وغيرهم، ومضر شعب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واشتقاقه من اللبَنِ الْمَضِير، وهو الحامض، قاله ابن دريد. انتهى (٢).

وقال في "اللسان": قال ابن سِيدَهْ: مُضَرُ اسم رجل، قيل: سُمِّي به؛ لأنه كان مُولَعًا بشرب اللبن المَاضِرِ -وهو الحامض الشديد الْحُمُوضَة- وقيل: سمي به لبياض لونه، من مَضِيرَة الطَّبِيخ، وهي مُرَيقَة، تُطْبَخُ بِلَبَنٍ وأشياء. انتهى (٣).

(وَاجْعَلْهَا) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الضمير لـ "الوطأة"، أو للأيّام، وإن لم يَجْرِ لها ذكر؛ لما دل عليه المفعول الثاني الذي هو "سنين" جمع السنة التي هي بمعنى القحط، وهي من الأسماء الغالبة، كالبيت، والكتاب (عَلَيْهِمْ) أي على قبيلة مضر (كَسِنِي يُوسُفَ) -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وفي رواية البخاريّ: "واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"، و"سنين": جمع سنة، وهي الجَدْبُ، يقال: أخذتهم السنة: إذا أَجْدَبُوا، وأُقْحِطُوا.


(١) "لسان العرب" ١/ ١٩٧.
(٢) "عمدة القاري" ٦/ ٨٠.
(٣) "لسان العرب" ٥/ ١٧٧.