للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى: اجعلها عليهم كالسنين السبع الشداد التي كانت في زمن يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ- التي ذكرها اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- في قوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} الآية [يوسف: ٤٨].

ووجه الشبه امتداد زمان المحنة، والبلاء، والبلوغ غاية الشدة، والضرّاء.

[فائدة]: جمع السنة بالواو والنون شاذّ، من جهة أنه ليس لذوي العقول، ومن جهة تغيير مفرده بكسر أوله، وهذا الاستعمال مع شذوذه هو الغالب في اللغة، فهو مُلْحَقٌ بجمع المذكر السالم في الإعراب بالواو والياء، وسقوط النون عند الإضافة، وقد يُجرَى مجرَى "حين" في لزوم الياء، والإعراب على النون، كما في قول الشاعر [من الطويل]:

دَعَانِيَ مِنْ نَجْدٍ فَإِنَّ لسِنِينَهُ … لَعِبْنَ بنَا شِيبًا وَشَيَّبْنَنَا مُرْدَا

وإلى قواعد جمع المذكر السالم، وملحقاته أَشار ابن مالك في "خلاصته" بقوله:

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَبِيَا اجْرُرْ وَانْصِبِ … سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ وَمُذْنِبِ

وَشِبْهِ ذَيْنِ وَبِهِ عِشْرُونَا … وَبَابُهُ أُلْحِقَ وَالأَهْلُونَا

أُلُو وَعَالَمُونَ عِلِّيُّونَا … وَأَرَضُونَ شَذَّ وَالسِّنُونَا

وَبَابُهُ وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ … ذَا الْبَابُ وَهْوَ عِنْدَ قَوْمٍ يَطَّرِدْ

[تنبيه آخر]: قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "المفهم": قوله: "واجعلها عليهم سنين كسني يوسف" يعني المذكور في قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ} الآية [يوسف: ٤٨]، فاستجيب له -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم، فأَجْدَبُوا سبعًا، أكلوا فيها كل شيء، حتى أكلوا الميتة والعظام، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانًا من شدّة الجوع والضعف، حتى جاء أبو سفيان، فكلم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعا لهم، فسُقُوا، على ما ذكرناه عن ابن مسعود في "كتاب التفسير". انتهى كلام القرطبي (١).

تعقّبه الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: قد أوّل صاحب "المفهم" هذا الدعاء -يعني المذكور في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في هذا الباب- بحديث ابن


(١) "المفهم" ٢/ ٣٠٣.