للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عباس، وأبو ذرّ -رضي اللَّه عنهم-، وقال الحسن البصريّ: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسافرون، فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها.

وممن رُوي عنه أنه كان يتطوع في السفر: القاسم بن محمد، والأسود بن يزيد، والحارث بن سُويد، وعطاء بن أبي رَبَاح، وطاوس، والشعبيّ، ومكحول، والحسن البصريّ، والنخعيّ، وعروة بن الزبير، وعمرو بن ميمون، وجابر بن زيد، وأبو وائل، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي -رحمهم اللَّه تعالى-. انتهى (١).

وقال الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثم اختلف أهل العلم بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرأى بعض أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتطوع الرجل في السفر، وبه يقول أحمد، وإسحاق، ولم ير طائفة من أهل العلم أن يصلي قبلها، ولا بعدها، ومعنى من لم يتطوع في السفر قبول الرخصة، ومن تطوّع فله في ذلك فضل كثير، وهو قول أكثر أهل العلم، يختارون التطوع في السفر. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فتركها ابن عمر، وآخرون، واستحبها الشافعيّ، وأصحابه، والجمهور، ودليلهم الأحاديث العامّة الواردة في ندب مطلق الرواتب، وحديث صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- الضحى في يوم الفتح، وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس، وأحاديث أخر صحيحة، ذكرها أصحاب السنن، والقياس على النوافل المطلقة. انتهى.

وقال الإمام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كان من هديه -صلى اللَّه عليه وسلم- الاقتصار على الفرض، ولم يُحفَظ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى سنة الصلاة قبلها، ولا بعدها، إلا ما كان من الوتر، وسنة الفجر، فإنه لم يكن لِيَدَعَهما حضرًا، ولا سفرًا. قال: وأما ابن عمر فكان لا يتطوع قبل الفريضة، ولا بعدها، إلا من جوف الليل مع الوتر، وهذا هو الظاهر من هدي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يصلي قبل الفريضة المقصورة، ولا بعدها شيئًا، ولم يكن يمنع من التطوع قبلها، ولا بعدها، فهو كالتطوع


(١) "الأوسط" ٥/ ٢٤١ - ٢٤٤.
(٢) "جامع الترمذيّ" بنسخة "تحفة الأحوذيّ" ٣/ ١١٨ - ١١٩.