للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يَرِدُ على هذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في إقامته بمكة في الفتح: "إنا قَوْمٌ سَفْرٌ"؛ لأنه كان إذ ذاك مترددًا، ولم يعزم على إقامة مدة معينة. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال صاحب "المرعاة": لا شكّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان جازمًا بالإقامة أربعة أيّام بمكة في حجته؛ لأنه دخلها صبيحة رابعة من ذي الحجة، وخرج منها إلى منى في بعض الثامن؛ أي: بعد صلاة الصبح، فكان ناويًا لإقامة تلك المدّة بلا شكّ، وقد قصر بها الصلاة، فهذا يدلّ لمذهب الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ولم يثبت حديث مرفوع قوليّ، ولا فعليّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أزمع على أكثر من أربعة أيّام، وقصر الصلاة، فالقول الراجح عندي هو ما ذهب إليه أحمد، واللَّه أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أقوى المذاهب وأرجحها في هذه المسألة هو مذهب الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو أن من نوى الإقامة في بلد إحدى وعشرين صلاةً مدة إقامته -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة قَصَر، ومن نوى أكثر من ذلك أتمّ، فهذا هو الذي أيّده الدليل، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ١٥٨٦ و ١٥٨٧ و ١٥٨٨ و ١٥٨٩] (٦٩٣)، و (البخاريّ) في "تقصير الصلاة" (١٠٨١)، و"المغازي" (٤٢٩٧)، و (أبو داود) في "الصلاة" (١٢٣٣)، و (الترمذيّ) فيها (٥٤٨)، و"النسائيّ" في "تقصير الصلاة" (١٤٣٨ و ١٤٥٢)، و"الكبرى" (١٨٩٦ و ١٩١٠)، و (ابن ماجه) في "الصلاة" (١٠٧٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ١٨٧ و ١٩٠ و ٢٨٢)، و (الدارميّ) في "سننه" (١٥١٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٩٥٦ و ٢٩٩٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٢٧٥١)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢٣٧٠


(١) "نيل الأوطار" ٣/ ٢٥٦.
(٢) "المرعاة" ٤/ ٣٩٠.