والحاصل أن الأرجح هو القول بجواز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادةً، كما هو حال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه لم يتخذ ذلك عادةً؛ لوضوح حجتّه، وقد أشبعت البحث بأكثر مما هنا في "شرح النسائيّ"(١)، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللَّهُ- قد حقّق هذا الموضوع تحقيقًا حسنًا جدًّا، أحببت إيراده هنا، وإن كان فيه طولٌ، إلا أن فوائده نافعةٌ جدًّا، وهذا الشرح ما وُضع إلا لاستيفاء المسائل المهمّة، ولو كان فيها طولٌ، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
وأما الجمع بالمدينة لأجل المطر أو غيره، فقد رَوَى مسلم وغيره من حديث أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، من غير خوف ولا سفر.
وممن رواه عن أبي الزبير مالك في "موطئِه"، وقال: أظنّ ذلك كان في مطر.
قال البيهقيّ: وكذلك رواه زهير بن معاوية، وحماد بن سلمة، عن أبي الزبير:"في غير خوف، ولا سفر"، إلا أنهما لم يذكرا المغرب والعشاء، وقالا:"بالمدينة".
ورواه أيضًا ابن عيينة، وهشام بن سعد، عن أبي الزبير، بمعنى رواية مالك، وساق البيهقيّ طرقها. وحديث زهير رواه مسلم في "صحيحه": ثنا أبو الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:"صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر والعصر جميعًا بالمدينة، في غير خوف ولا سفر"، قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لِمَ فَعَل ذلك؟ قال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يُحرِج أحدًا من أمته، قال: وقد خالفهم قُرّة في الحديث، فقال:"في سفرة سافرها إلى تبوك"، وقد رواه مسلم من حديث قُرّة، عن أبي الزبير، عن