للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان ذلك لسفر أو مطر، كان ابن عباس أجلّ قدرًا من أن يَحتَجّ على جمعه بجمع المطر أو السفر.

وأيضًا فقد ثبت في "الصحيحين" عنه أن هذا الجمع كان بالمدينة، فكيف يقال: لم ينف السفر، وحبيب بن أبي ثابت من أوثق الناس، وقد روى عن سعيد، أنه قال: من غير خوف ولا مطر.

وأما قوله: إن البخاريّ لم يخرجه، فيقال: هذا من أضعف الحجج، فهو لم يخرج أحاديث أبي الزبير، وليس كل من كان من شرطه يخرجه.

وأما قوله: ورواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قريب من رواية أبي الزبير، فإنه ذكر ما أخرجاه في "الصحيحين"، من حديث حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وفي رواية البخاريّ، عن حماد بن زيد، فقال لأيوب: لعله في ليلة مطيرة، فقال: عسى.

فيقال: هذا الظن من أيوب وعمرو، فالظنّ ليس من مالك، وسبب ذلك أن اللفظ الذي سمعوه لا ينفي المطر، فجوّزوا أن يكون هو المراد، ولو سمعوا رواية حبيب بن أبي ثابت الثقة الثبت، لم يظنوا هذا الظن.

ثم رواية ابن عباس هذه حكاية فعل مطلق، لم يذكر فيها نفي خوف ولا مطر، فهذا يدلّك على أن ابن عباس كان قصده بيان جواز الجمع بالمدينة في الجملة، ليس مقصوده تعيين سبب واحد، فمن قال: إنما أراد جمع المطر وحده، فقد غَلِطَ عليه.

ثم عمرو بن دينار تارةً يُجَوِّز أن يكون للمطر موافقةً لأيوب، وتارةً يقول هو وأبو الشعثاء: إنه كان جمعًا في الوقتين، كما في "الصحيحين" عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار: سمعت جابر بن زيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صليت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا، قال: قلت: يا أبا الشعثاء أُراه أخّر الظهر وعجّل العصر، وأخّر المغرب وعجّل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك.

فيقال: ليس الأمر كذلك؛ لأن ابن عباس كان أفقه وأعلم، من أن يحتاج إذا كان قد صلى كل صلاة في وقتها الذي تعرف العامة والخاصة