سافر قبل أن تزول الشمس أخَّر الظهر، حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر"، قال: وأحسبه قال في المغرب والعشاء مثل ذلك.
ورواه الشافعيّ من حديث ابن أبي يحيى، عن حسين، ومن حديث ابن عجلان بلاغًا، عن حسين، قال البيهقيّ: هكذا رواه الأكابر: هشام بن عروة، وغيره، عن حسين بن عبد اللَّه، ورواه عبد الرزاق، عن ابن جُريج، عن حسين، عن عكرمة، وعن كريب، كلاهما عن ابن عباس، ورواه أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس، قال: ولا أعلمه إلا مرفوعًا.
وقال إسماعيل بن إسحاق: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدّثني أخي عن سليمان بن مالك، عن هشام بن عروة، عن كُريب، عن ابن عباس، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا جَدَّ به السير، فراح قبل أن تزيغ الشمس، ركب فسار، ثم نزل، فجمع بين الظهر والعصر، وإذا لم يَرُح حتى تزيغ الشمس، جمع بين الظهر والعصر، ثم ركب، وإذا أراد أن يركب ودخلت صلاة المغرب جمع بين المغرب وبين صلاة العشاء".
قال أبو العباس ابن سُرَيج: رَوَى يحيى بن عبد الحميد، عن أبي خالد الأحمر، عن الحجاج، عن الحكم، عن مِقْسَم، عن ابن عباس، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يرتحل حتى تزيغ الشمس، صلى الظهر والعصر جميعًا، فإذا لم تزغ أخَّرها حتى يجمع بينهما في وقت العصر".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويدلّ على جمع التقديم، جمعه بعرفة بين الظهر والعصر؛ لمصلحة الوقوف؛ ليتصل وقت الدعاء، ولا يقطعه بالنزول لصلاة العصر، مع إمكان ذلك بلا مشقة، فالجمع كذلك لأجل المشقة والحاجة أولى. انتهى كلام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.