للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فلا صلاة" يَحْتَمِل أن يتوجه النفي إلى الصحة، أو إلى الكمال، والظاهر توجهه إلى الصحة؛ لأنها أقرب المجازَين إلى الحقيقة، فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة، كما نقل عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وأهل الظاهر.

قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن قوله: "فلا صلاة" يَحْتَمِل أن يراد: فلا يَشرَع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة، ويَحْتَمِل أن يراد: فلا يشتغل بصلاة، وإن كان قد شَرَع فيها قبل الإقامة، بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحريم، أو أنها تبطل بنفسها، وإن لم يقطعها المصلي، يَحْتَمِل كُلًّا من الأمرين.

وقد بالغ أهل الظاهرية، فقالوا: إذا دخل في ركعتي الفجر، أو غيرهما من النوافل، فأقيمت الفريضة، بطلت الركعتان، ولا فائدة له في أن يسلِّم منهما، ولو لم يبق عليه منهما غير التسليم، بل يدخل كما هو بابتداء التكبير في صلاة الفريضة، فإذا أتمّ الفريضة، فإن شاء ركعهما، وإن شاء لم يركعهما، قال: وهذا غلوّ منهم في صورة ما إذا لم يبق عليه غير السلام، فليت شعري أيهما أطول زمنًا: مدّة السلام، أو مدة إقامة الصلاة؟ بل يمكنه أن يتهيأ بعد السلام لتحصيل أكمل الأحوال في الاقتداء قبل تمام الإقامة.

نعم، قال الشيخ أبو حامد من الشافعية: إن الأفضل، خروجه من النافلة إذا أدّاه إتمامها إلى فوات فضيلة التحريم، وهذا واضح. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: عندي أن ما نُقِلَ عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وأهل الظاهر، هو الذي يكون موافقًا لظاهر النص، ففيما قاله العراقيّ في الردّ عليهم نظر لا يخفى، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ") الألف واللام ليست لعموم المكتوبات، وإنما هي راجعة إلى الصلاة التي أقيمت، فقد ورد التصريح بذلك في رواية لأحمد بلفظ: "فلا صلاة إلا التي أقيمت"، وكذلك في رواية لأبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، ذكرها ابن عبد البر في "التمهيد".

وقال في "الفتح": فيه منع التنفل بعد الشروع في إقامة الصلاة، سواء كانت راتبة أم لا؛ لأن المراد بالمكتوبة: المفروضة، وزاد مسلم بن خالد، عن عمرو بن دينار في هذا الحديث: قيل: يا رسول اللَّه، ولا ركعتي الفجر؟ قال: