[القول السادس]: أنه يركعهما في المسجد، إلا أن يخاف فوت الركعة الأخيرة، فأما الركعة الأولى فليركع، وإن فاتته، وهو قول الأوزاعيّ، وسعيد بن عبد العزيز، وحكاه النوويّ عن أبي حنيفة، وأصحابه.
[القول السابع]: يركعهما في المسجد وغيره، إلا أن يخاف فوت الركعة الأولى، وهو قول سفيان الثوريّ، حَكَى ذلك عنه ابن عبد البرّ، وهو مخالف لما رواه الترمذيّ عنه.
[القول الثامن]: أن يصليهما، وإن فاتته صلاة الإمام، إذا كان الوقت واسعًا، قاله ابن الجلاب من المالكية.
[القول التاسع]: أنه إذا سمع الإقامة لم يَحِلّ له الدخول في ركعتي الفجر، ولا في غيرهما من النوافل، سواء كان في المسجد أو خارجه، فإن فعل فقد عَصَى، وهو قول أهل الظاهر، ونقله ابن حزم عن الشافعيّ، وعن جمهور السلف، وكذا قال الخطابيّ. وحُكِي الكراهة عن الشافعيّ، وأحمد.
وحَكَى القرطبيّ في "المفهم" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وأهل الظاهر أنها لا تنعقد صلاة تطوع في وقت إقامة الفريضة.
قال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا القول هو الظاهر، إن كان المراد بإقامة الصلاة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة، وهو المعنى المتعارف.
قال العراقيّ: وهو المتبادر إلى الأذهان من هذا الحديث، والأحاديثُ المذكورةُ في شرح الحديث الذي بعد هذا -يعني حديث عبد اللَّه ابن بحينة الآتي- تدلّ على ذلك، إلا إذا كان المراد بإقامة الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقيّ، ومنه قوله تعالى:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}[البقرة: ٣]، فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذّن قبل الشروع في الصلاة، وإذا كان المراد المعنى الأول، فهل المراد به الفراغ من الإقامة؛ لأنه حينئذ يشرع في فعل الصلاة، أو المراد شروع المؤذن في الإقامة؟ قال العراقيّ: يحتمل أن يراد كل من الأمرين، والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة، ليتهيأ المأمومون لإدراك التحريم مع الإمام.
ومما يدلّ على ذلك، قوله في حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه- عند الطبرانيّ: إن النبىّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم، قال العراقيّ: