للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اعتباره، فلا تتأدّى هذه السنّة بأقلّ من ركعتين. انتهى (١).

٣ - (ومنها): أن ظاهر هذا الأمر لمن أراد الجلوس، فمن دخل المسجد، وخرج قبل أن يجلس لا يتناوله الأمر، وفيه خلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.

٤ - (ومنها): أن بعضهم استدلّ بقوله: "فلا يجلس" على أنه إذا خالف، فجلس لا يُشرع له التدارك، والصحيح أنه لا تسقط عنه، بل يقوم فيُصليها؛ لما رواه ابن حبّان في "صحيحه" عن أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- أنه دخل المسجد، فقال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال: "قم، فاركعهما".

٥ - (ومنها): أن هذه الصلاة التي تصلّى عند دخول المسجد تسمّى تحيّة المسجد، قد جاء ذلك عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أخرج ابن حبّان في "صحيحه" من حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- قال: دخلت المسجد، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس وحده، قال: "يا أبا ذرّ إن للمسجد تحيّة، وإن تحيته ركعتان، فقم، فاركعهما"، قال: فقمت فركعتهما، ثم عُدت فجلست إليه، وذكر الحديث بطوله (٢).

وفي إسناده إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّانيّ، تكلّم فيه أبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهما.

قال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد روي من وجوه متعدّدة عن أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه-، وكلُّها لا تخلو من مقال.

قال: وتُسمَّى أيضًا حقّ المسجد، روى ابن إسحاق عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرو بن سُليم الزرقيّ، عن أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أعطوا المساجد حقّها"، قالوا: وما حقّها؟ قال: "تُصلُّوا ركعتين قبل أن تجلسوا" (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم ركعتي تحية المسجد:


(١) "الفتح" ١/ ٦٤٠.
(٢) راجع: "صحيح ابن حبان " ٢/ ٧٦.
(٣) "المصنّف" لابن أبي شيبة ١/ ٣٤٠، و"فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٣/ ٢٧٣ - ٢٧٤.