للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأعلم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا فرض من الصلاة إلا خمس صلوات، وأن ما سوى الخمس فتطوّع، لا فرض في شيء من ذلك. انتهى (١).

واستدلّوا أيضًا بحديث قصّة كعب بن مالك -رضي اللَّه عنه- حيث جلس عند النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يأمره بالصلاة، وهو حديث متّفق عليه، وقد استدلّ به النسائيّ: على عدم الوجوب، فقال: "الرخصة في الجلوس فيه -أي: المسجد- والخروج منه بغير صلاة"، ثم أورد الحديث (٢).

واستدلُّوا أيضًا بما تقدم من أن سبب حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- هذا ما سيأتي بعده أنه دخل المسجد فوجد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه جالسين، فجلس من غير أن يصلي ركعتين، فقال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما منعك أن تركع؟ " قال: رأيتك جالسًا، والناس جلوس، قال: "فإذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يركع


(١) "صحيح ابن خزيمة" ٣/ ١٦٤.
(٢) نصّه في "المجتبى" (٧٣١): أخبرنا سليمان بن داود، قال: حدّثنا ابن وهب، عن يونس، قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أن عبد اللَّه بن كعب، قال: سمعت كعب بن مالك، يحدث حديثه حين تخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك، قال: وصبَّح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قادمًا، وكان إذا قَدِمَ من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك، جاءه المخلَّفون، فطَفِقُوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعًا وثمانين رجلًا، فقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووَكَلَ سرائرهم إلى اللَّه عز وجل حتى جئت، فلما سلمت تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المغضب، ثم قال: تعال، فجئت حتى جلست بين يديه، فقال لي: "ما خلَّفك؟ ألم تكن ابتعت ظهرك؟ "، فقلت: يا رسول اللَّه، إني واللَّه لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه، ولقد أعطيتُ جدلًا، ولكن واللَّه لقد علمتُ، لئن حدثتك اليوم حديث كذب، لترضى به عني، ليوشك أن اللَّه عزَّ وجلَّ يُسخِطك عليّ، ولئن حدثتك حديث صدق تَجِد عليّ فيه، إني لأرجو فيه عفو اللَّه، واللَّه ما كنت قط أقوى، ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي اللَّه فيك"، فقمت، فمضيت. مختصرٌ. انتهى.
وسيأتي الحديث مطوّلًا عند المصنّف في "كتاب التوبة" برقم (٢٧٦٩) -إن شاء اللَّه تعالى-.