للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدليل للجمهور هو الحديث الذي ذكره هو، فدلالته على عدم وجوب ما سوى الخمس واضحة.

وأما جواب من أجاب بأن ذلك قبل أن يجب غيرها من الصلوات -كما ذكره الصنعاني، والشوكانيّ- فَيُرَدُّ عليه بحديث معاذ -رضي اللَّه عنه- حين بعثه النبيّ إلى اليمن، فقال له: إنك ستأتي قومًا أهل كتاب. . . " الحديث، وفيه: "فأعْلِمْهُم أن اللَّه افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة"، وبَعْثُ معاذ -رضي اللَّه عنه- كان سنة عشر قبل حجة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما ذكره البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في أواخر "كتاب المغازي ويقال: إنه ما قَدِمَ إلا بعد موته -صلى اللَّه عليه وسلم-".

فهذا واضح في عدم افتراض شيء من الصلوات غير الخمس؛ لأن هذا الحديث متأخر بيقين.

وأما قوله: يشكل عليهم إيجابهم الصلاة على الميت.

فجوابه أن الصلاة على الميت ليست فرض عين؛ لأن السائل سأله عما يجب عليه، ولا يسقط بفعل غيره عنه، بدليل اقتصاره -صلى اللَّه عليه وسلم- في جوابه على فرائض الأعيان.

وقد أطال العلامة الشوكانيّ في انتصار القول بالوجوب (١)، وكذلك الصنعانيّ (٢)، وأقوى مُستَنَدِهما في ذلك دعوى أن حديث: "هل عليّ غيرُهَن؟ قال: لا. . . "، كان أوّلًا، ثم تزايدت التشريعات بعد ذلك، وهذا مردود عليهما بحديث معاذ -رضي اللَّه عنه- المذكور المتأخر يقينًا. فتبصر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم.

وخلاصة القول في هذه المسألة أن ما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب ركعتي تحيّة المسجد، هو الحق؛ لظهور حجته، كما أسلفناه آنفًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في أداء ركعتي تحيّة المسجد في أوقات النهي، ووقت الخطبة:


(١) "نيل الأوطار" ٣/ ٣٤٧ - ٣٤٩.
(٢) راجع: "العدة حاشية العمدة" ٢/ ٤٦٨.