الصبح"، ولما رواه أنه بلغه أن عبد اللَّه بن عباس، وعبادة بن الصامت، والقاسم بن محمد، وعبد اللَّه بن عمر بن ربيعة قد أوتروا بعد الفجر، وما رواه عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد اللَّه بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح، وأنا أوتر، وما رواه عن يحيى بن سعيد، أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قومًا، فخرج يومًا إلى الصبح، فأقام المؤذن صلاة الصبح، فأسكته عبادة حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح، وما رواه عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: سمعت عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة يقول: إني لأوتر، وأنا أسمع الإقامة، أو بعد الفجر، يشك عبد الرحمن أيّ ذلك، وما رواه عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: إني لأوتر بعد الفجر.
ففي هذا كله دلالة على أن الوتر يجوز أن تُصَلَّى بعد الفجر، وقبل صلاة الصبح.
وقال الشوكاني: والحديث -يعني حديث: "لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين"- يدُلّ على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، قال الترمذيّ: وهو مما أجمع عليه أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
قال الحافظ في "التلخيص": دعوى الترمذيّ الإجماع على الكراهة لذلك عجيب، فإن الخلاف في ذلك مشهور، حكاه ابن المنذر، وغيره، وقال الحسن البصريّ: لا بأس به، وكان مالك يرى أن يفعله من فاتته صلاة بالليل، وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في "قيام الليل". انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الراجح عندي القول بعدم الكراهة، وأحاديث النهي كلها ضعيفة، وبعضها مرسل، فلا تُعارِض حديث عمرو بن عَبَسَةَ الصحيح الذي مرّ ذكره آنفًا، فتبصّر، واللَّه -تعالى- أعلم.
[تنبيه]:
حديث: "ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين"،