للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في الأمر الثاني مما أمر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث المؤمنين، وهو إكرامُ الجار، وفي بعض الروايات النهي عن أذى الجار، فأما أذى الجار فمحرم؛ لأن الأذى بغير حقّ محرم لكل أحد، ولكن في حق الجار هو أشد تحريمًا.

وفي "الصحيحين" عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل: أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك"، قيل: ثم أيُّ؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك"، قيل: ثم أيُّ؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك".

وفي "مسند الإمام أحمد" عن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تقولون في الزنا؟ " قالوا: حرام، حَرَّمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يزني الرجل بعشر نسوة، أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره"، قال: "فما تقولون في السرقة؟ " قالوا: حرام حرّمها الله ورسوله، فهي حرام، قال: "لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره".

وفي "صحيح البخاري" عن أبي شُرَيح - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن" قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من لا يأمن جاره بوائقه"، وخرّجه الإمام أحمد وغيره، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه".

وخرّج الإمام أحمد، والحاكم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا قال: قيل: يا رسول الله إن فلانة تصلي بالليل، وتصوم النهار، وفي لسانها شيءٌ، تؤذي جيرانها، سَلِيطةٌ، قال: "لا خير فيها، هي في النار"، وقيل له: إن فلانة


(١) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٣٣٢ - ٣٤٣.