للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك من الأعمال التي يعملها -صلى اللَّه عليه وسلم- داخل البيت، ولا سيّما في الليل، واللَّه تعالى أعلم.

(فَأْتِهَا، فَاسْأَلْهَا) وفي نسخة: "فسَلْهَا"، وهو لغة في "اسأل"، قال في "المصباح": والأمر من سَأَلَ اسْأَلْ بهمزة وصل، فإن كان معه واو جاز الهمز؛ لأنه الأصل، وجاز الحذف؛ للتخفيف، نحو واسألوا، وسَلُوا، وفيه لغةٌ سَالَ يَسَالُ، من باب خاف يَخَافُ، والأمرُ من هذه سَلْ، وفي المثنّى والمجموع سَلَا، وسَلُوا على غير قياس؛ إذ القياس يقتضي أن يقال: سالا، وسالوا، كخافا، وخافوا. انتهى بزيادة (١).

(ثُمَّ ائْتِنِي، فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ) أي: بجوابها على سؤالك، وفيه شدّة حرص ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- على تعلم سنة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما لم يتعلّم بنفسه منها؛ لكونه لا يدخل عليها، كما سيذكره آخر الحديث.

قال سعد بن هشام: (فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا) أي: ذهبتُ إلى عائشة -رضي اللَّه عنها-؛ لأسألها عن ذلك (فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ) هو: حجازيّ، رَوَى عن أبي مسعود، وعائشة -رضي اللَّه عنها-، وروى عنه جعفر بن عبد اللَّه، والد عبد الحميد، لم يرو عنه غيره، كما قاله الذهبيّ، له في "ابن ماجه" حديث واحد في ما للمسلم على المسلم، وذكره ابن حبّان في "الثقات" (٢).

(فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا) أي: طلبت منه أن يلحق بي، ويصاحبني في ذهابي إلى عائشة -رضي اللَّه عنها-، وإنما طلب ذلك منه لمعرفتها إياه، دون سعد بن هشام، كما يدلّ عليه ما يأتي.

(فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِبِهَا) اسم فاعل من قَرَب يقرُب، كقتل يقتُلُ، وفيه لغة أخرى، كتَعِبَ، يقال: قَرَبْتُ الأمرَ، أَقْرَبُهُ، من باب قَتَلَ، وتَعِبَ، قِرْبَانًا بالكسر: فعلته، أو دانيته، ومن الأول قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} [الإسراء: ٣٤]، ومن الثاني قولك: لا تَقْرَب الْحِمَى؛ أي: لا تَدْنُ منه. وأما قرُب بضم الراء، ككَرُم، فإنه لازم يتعدى بـ "من"، يقال: قرُب الشيءُ منّا، قُرْبًا، وقَرَابة، وقُرْبة، وقُرْبَى (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٧.
(٢) راجع: "تهذيب التهذيب" ١/ ٤٧٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٥.