للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا ظاهر أنه صار تطوّعًا في حقّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والأمة، فأما الأمة، فهو تطوّع في حقهم بالإجماع، وأما النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاختلفوا في نسخه في حقّه، والأصحّ عندنا نسخه، وأما ما حكاه القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ- عن بعض السلف أنه يجب على الأمة من قيام الليل ما يقع عليه الاسم، ولو قدر حلب شاة، فغلط، ومردود بإجماع مَنْ قبله، مع النصوص الصحيحة أنه لا واجب إلا الصلوات الخمس. انتهى (١).

وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر قولها هذا يدلّ على أنه كان فرضًا عليه، وعلى الناس، قال مكيّ: وهو قول كافّة أهل العلم.

وقيل: إنه لم يكن فرضًا عليه، ولا عليهم، حكاه الأبهريّ عن بعضهم، قال: لقوله تعالى: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [المزمل: ٣ - ٤]، وليس هذا ضرب الفروض، وإنما هو ندب.

وقيل: كان فرضًا على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، مندوبًا لغيره، وكأن هذا مأخوذ من مواجهة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)}، فخُصّ بالخطاب، وبما رُوي عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، مرفوعًا: "ثلاثٌ عليّ فريضةٌ، ولكم تطوّع: الوتر، والضُّحى، وركعتا الفجر"، وهو ضعيف، والصحيح ما نقلته عائشة -رضي اللَّه عنها-. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) سعد بن هشام (قُلْتُ) وفي نسخة: "فقلت" (يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: عن وقته، وكيفيته، وعدد ركعاته، وفي رواية النسائيّ: "فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ، فَبَدَا لِي وِتْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-"؛ أي: ظهر لي السؤال عن وتره -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَقَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها- (كنَّا نُعِدُّ) بضمّ أوله، وكسر ثانيه، مضارع أعدّ رباعيًّا، من الإعداد؛ أي: نهيّء لَهُ (سِوَاكَهُ) بكسر السين: عُود الأراك، والجمع سُوكٌ بسكون الواو، والأصل بضمّتين، مثلُ كتاب وكُتُب، والمِسْوَاك مثله، وهو مأخوذ من تساوكت الإبل: إذا اضطربت أعناقها من الْهُزَال، وقال ابن دُرَيد: سُكْتُ الشيءَ أَسُوكه سَوْكًا، من باب قال: إذا دَلَكْتَهُ،


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٢٦ - ٢٧.
(٢) "المفهم" ٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩.