للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنه اشتقاق السِّوَاك، والسواك أيضًا يُطلَقُ على المصدر (١). (وَطَهُورَهُ) بفتح الطاء المهملة: أي: الماء الذي يَتَطَّهر به، وفيه استحباب إعداد ذلك، والتأهب بأسباب العبادة قبل وقتها، والاعتناء بها (فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ) أي: يوقظه اللَّه -عزَّ وجلَّ- من نومه في الوقت الذي يريد إيقاظه فيه، يقال: انبعث فلان بشأنه: إذا سار ومضى ذاهبًا لقضاء حاجته، و"ما" موصولة، والعائد محذوفٌ: أي: القدر الذي شاء البعث فيه، قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

[فإن قلت]: قد تقرّر عند علماء المعاني أن مفعول "شاء"، و"أراد" لا يُذكر في الكلام الفصيح إلا أن تكون فيه غرابة، نحو قول القائل: لو شئت أن أبكي دمًا لبكيتُه، ولو شاء اللَّه أن يتخذ ولدًا، فأين الغرابة في قوله: "ما شاء أن يبعثه"؟.

[قلت]: كفى بلفظ البعث شاهدًا على الغرابة، كأنه تعالى نبّه حبيبه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقضاء نهمته من حبيبه -سبحانه وتعالى- مناغاةً (٢) ومناجاةً بينهما، من مكاشفات وأحوال، قال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١٠ - ١١]، فأيُّ غرابة أغرب من هذا؟. انتهى كلام الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

وفي رواية النسائيّ: "فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- لِمَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ" واللام للتوقيت؛ أي: في الوقت الذي شاء أن يوقظه فيه، ويَحْتَمِل أن يكون بفتح اللام، وتشديد الميم، فتكون بمعنى "حين"، أي: يوقظه حين شاء اللَّه -عزَّ وجلَّ-.

وقوله: (مِنَ اللَيْلِ) بيان لـ "ما شاء"، و"من" تبعيضيّة؛ أي: بعض ساعات الليل، وأوقاته، وقيل: بيانية (فَيَتَسَوَّكُ) أي: يستعمل السواك، وفيه استحباب السواك عند القيام من النوم (وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ) ووقع في رواية للنسائيّ: "ويصلي ثماني ركعات"، والصواب: "تسع ركعات"، كما هو عند المصنّف، وعند النسائيّ أيضًا في رواية أخرى. (لَا يَجْلِسُ فِيهَا) وللنسائيّ: "لا


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢٩٧.
(٢) يقال: ناغاه: إذا ناداه، وَبَاراه، أفاده في "القاموس" ٤/ ٣٩٦. والمراد هنا المناداة، فيكون بمعنى المناجاة.
(٣) "الكاشف" ٤/ ١٢٢٠ - ١٢٢١.