يجلس فيهنّ"؛ أي: في خلال تلك الركعات (إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ) وللنسائيّ: "إلا عند الثامنة".
وفيه دليلٌ على عدم وجوب الجلوس عند الركعتين؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي ثمانيًا متّصلًا بلا تخلّل جلسات بينها على الشفعات، وفي ردّ على الحنفية القائلين بوجوب الجلسة عند كل ركعتين.
وأجابوا بأن المراد بالجلسة المنفية الجلسة الخالية عن السلام، قالوا: فالوتر منها ثلاث ركعات، والست قبله من النفل، قال العيني: وهذا اقتصار منها على بيان جلوس الوتر وسلامه؛ لأن السائل إنما سأل عن حقيقة الوتر، ولم يسأل عن غيره، فأجابته مبيّنة بما في الوتر من الجلوس على الثانية بدون سلام، والجلوس أيضًا على الثالثة بسلام، وسكتت عن جلوس الركعات التي قبلها، وعن السلام فيها، كما أن السؤال لم يقع عنها، فجوابها قد طابق سؤال السائل. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي قاله العيني مكابرة، وتحريف للنصّ الصريح -قاتل اللَّه التعصّب- كيف يقول: وسكتت عن جلوس الركعات التي قبلها إلخ، وقد صرّحت بقولها: "لا يجلس فيها إلا في الثامنة"؟ فأين السكوت المزعوم؟ فتبصّر بالإنصاف، ولا تَكن أسير التقليد، واللَّه تعالى المستعان.
والحاصل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوتر بتسع ركعات، جلس في الثامنة بلا تسليم، وفي التاسعة بتسليم، ولم يجلس في غيرهما، وهذه إحدى أنواع إيتاره -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم.
(فَيَذْكُرُ اللَّهَ) أي: يقرأ التشهّد (وَيَحْمَدُهُ) أي: يُثني عليه، قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: يتشهّد، فالحمد إذًا لمطلق الثناء؛ إذ ليس في التحيّات لفظ الحمد. انتهى. زاد في رواية لأبي عوانة: "ويصلي على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (وَيَدْعُوهُ) أي: بالدعاء المتعارف بعد التشهّد (ثُمَّ يَنْهَضُ) أي: يقوم، يقال: نَهَضَ عن مكانه يَنْهَضُ نُهُوضًا: ارتفع عنه، ونَهَضَ إلى العدوّ: أسرع إليه، ونَهَضتُ إلى فلان، وله نَهْضًا ونُهُوضًا: تحرّكتُ إليه بالقيام، وانتهضتُ أيضًا، وكان منه نَهْضَةٌ إلى