للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: معناه ضَعُفَ، وكان ذلك قبل موته بنحو سنة، على ما قيل.

وقال السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه أنه أخذ اللحم في آخر عمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولعلّ ذلك لفرحه بقدومه على اللَّه بما جاءه من البشارات الأخروية -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى.

(أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ) أي: بأن صلاهما جالسًا بعدما يسلم (فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ) أي: فنقص ركعتين بسبب ضعفه (وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا صَلَّى صَلَاةً) أي: من النوافل (أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا) أي: كان من هديه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه إذا صلّى صلاة تطوّع واظب عليها، فلا يتركها إلا لعذر، أو لبيان الجواز، كما في هاتين الركعتين اللتين صلّاهما بعد الوتر، قاله في "المنهل" (١).

وإنما أحبّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الدوام على تلك الصلاة؛ لأن أحبّ الأعمال إلى اللَّه -عزَّ وجلَّ- ما داوم عليه صاحبه، فقد أخرج الشيخان من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أحب العمل إلى اللَّه ما داوم عليه صاحبه، وإن قلّ"، وأخرجا أيضًا من حديثها: "وكان أحبّ الصلاة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما داوم عليها، وإن قلَّت".

وفي رواية شعبة الآتية: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا عَمِلَ عَمَلًا أثبته".

(وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ، أَوْ وَجَعٌ) بفتحتين: يُطلق على كلّ مرض، وجمعه أوجاعٌ، مثلُ سبَبِ وأسبابٍ، ووِجَاعٌ أيَضًا بالكسر، مثل جَبَلٍ وجِبَالٍ (٢). (عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ) أي: في النهار، فـ "من" بمعنى "في"، أو تبعيضيّهّ، كما سبق قريبًا، وفي نسخة: "بالنهار"، والباء بمعني "في"، والمراد: في أول النهار ما بين طلوع الشمس، وزوالها.

وفي رواية أبي عوانة الآتية: "كان إذا فاتته الصلاة من الليل، من وجع، أو غيره، صلّى من النهار. . . "، وفي رواية شعبة: "وكان إذا نام من الليل، أو مَرِضَ صلّى من النهار .. " (ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً) تعتي: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا منعه من قيام الليل مانع صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة؛ بدلًا مما فاته من قيام الليل، وهو ظاهر في كونه يقتصر في القضاء على ثنتي عشرة ركعة فقط، وإنما لم تذكر


(١) "المنهل العذب المورود" ٧/ ٢٧٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٨.