للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال العراقيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن في صلاة، أو غير صلاة؟ يَحْتَمِل كلًّا من الأمرين. انتهى.

وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "عن حزبه" هو ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة، أو صلاة كالورد، والحزب: النوبة في ورود الماء. انتهى (١).

والمعنى أن من فاته ورده كلّه، أو بعضه في الليل، لغلبة النوم، وإنما حملناه على الليل؛ لدلالة النوم عليه، ولدلالة آخر الحديث، وهو قوله: "كأنما قرأه من الليل"، ولقوله في الرواية الأخرى عند النسائيّ: "من فاته حزبه من الليل".

(أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) أي: أو نام عن شيء من حزبه؛ أي: فاته بعض ورده (فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ) يَحْتَمِل أن يكون تحريضًا على المبادرة، ويَحْتَمِل أن أفضل الأداء مع المضاعفة مشروط بخصوص الوقت. أفاده السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال المظهر: إنما خَصّ قبل الظهر بهذا الحكم؛ لأنه متّصل بآخر الليل بغير فصل، سوى صلاة الصبح، ولهذا لو نوى الصائم قبل الزوال صوم نافلة جاز، وبعده لم يجُز. انتهى (٢).

(كُتِبَ لَهُ) بالبناء للمفعول، جواب الشرط (كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ) صفة لمصدر محذوف؛ أي: أُثبت أجرُه في صحيفة عمله، إثباتًا مثلَ إثباته حين قرأه من الليل.

قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا تفضّل من اللَّه تعالى، ودليلٌ على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، والحزب هنا الجزء من القرآن، يصلي به، وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم، أو عذر منعه من القيام، مع أن نيته القيام، وقد ذكر مالك في "الموطأ" عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "ما من امرئ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلا كتَبَ اللَّه له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه" (٣)، وهذا أتمّ في التفضّل والمجازاة بالنيّة، وظاهره أن له أجره مكمّلًا


(١) "الكاشف" ٤/ ١٣١٥.
(٢) "الكاشف" ٤/ ١٢١٥.
(٣) رواه مالك في "الموطّأ" (١/ ١١٧).