طائفة من الحنبليّة، كما قاله ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-، قال: وفي كلام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما يدلُّ عليه (١).
٣ - (ومنها): أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليوتر بواحدة" يدلُّ على أن الوتر مأمور به، وهل الأمر به للوجوب، أم لتأكد الاستحباب؟ فيهِ قولان مشهوران، وأكثر العلماء على أنه للاستحباب، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم، وسيأتي تحقيق القول فيه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.
٤ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": استُدِلّ بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" على أنه لا صلاة بعد الوتر، وقد اختَلَف السلف في ذلك في موضعين: أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر عن جلوس، والثاني: فيمن أوتر ثم أراد أن يتنفل في الليل، هل يَكتفِي بوتره الأول، وليتنفل ما شاء، أو يَشْفَع وتره بركعة، ثم يتنفل؟ ثم إذا فعل ذلك، هل يَحتاج إلى وتر آخر أو لا؟:
فأما الأول فوقع عند مسلم من طريق أبي سلمة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي ركعتين بعد الوتر، وهو جالس، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم، وجعلوا الأمر في قوله:"اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا" مختصًّا بمن أوتر آخر الليل.
وأجاب من لم يقل بذلك بأن الركعتين المذكورتين هما ركعتا الفجر، وحمله النوويّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله لبيان جواز التنفل بعد الوتر، وجواز التنفل جالسًا، وهذا هو الحقّ.
وأما الثاني فذهب الأكثر إلى أنه يصلي شفعًا ما أراد، ولا ينقض وتره؛ عملًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا وتران في ليلة"، وهو حديثٌ حسنٌ، أخرجه النسائيّ، وابن خزيمة، وغيرهما، من حديث طلق بن عليّ، وإنما يصحّ نقض الوتر عند من يقول بمشروعية التنفل بركعة واحدة غير الوتر، وقد تقدم ما فيه.
ورَوَى محمد بن نصر، من طريق سعيد بن الحارث، أنه سأل ابن عمر