للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن ذلك، فقال: إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم، فاشفع، ثم صلِّ ما بدا لك، ثم أوتر، وإلا فصلّ، واترُك على الذي كنت أوترت.

ومن طريق أخرى، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه سئل عن ذلك، فقال: أما أنا فأصلي مثنى، فإذا انصرفتُ ركعتُ ركعةً واحدةً، فقيل: أرأيت إن أوترت قبل أن أنام، ثم قمتُ من الليل، فشفعت حتى أُصبح؟ قال: ليس بذلك بأس (١).

٥ - (ومنها): أنه استدل بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلّ ركعة واحدةً" على أن فصل الوتر أفضل من وصله.

وتُعُقِّب بأنه ليس صريحًا في الفصل، فيَحْتَمِل أن يريد بقوله: "صلِّ ركعةً واحدةً" أي: مضافةً إلى ركعتين مما مضى.

واحتَجَّ بعض الحنفية لما ذهب إليه من تعيين الوصل، والاقتصار على ثلاث، بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسنٌ جائزٌ، واختلفوا فيما عداه، قال: فأخذنا بما أجمعوا عليه، وتركنا ما اختلفوا فيه.

وتَعَقَّبه محمد بن نصر المروزيّ بما رواه من طريق عراك بن مالك، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا وموقوفًا: "لا تُوتروا بثلاث، تُشَبِّهُوا بصلاة المغرب"، وقد صححه الحاكم، من طريق عبد اللَّه بن الفضل، عن أبي سلمة، والأعرج، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا نحوه، وإسناده على شرط الشيخين، وقد صححه ابن حبان، والحاكم.

ومن طريق مقسم، عن ابن عباس وعائشة -رضي اللَّه عنهم- كراهية الوتر بثلاث، وأخرجه النسائيّ أيضًا، وعن سليمان بن يسار أنه كَرِه الثلاث في الوتر، وقال: لا يشبه التطوع الفريضة، فهذه الآثار تَقْدَح في الإجماع الذي نقله.

وأما قول محمد بن نصر: لم نجد عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خبرًا ثابتًا صريحًا أنه أوتر بثلاث موصولة، نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث، لكن لم يبيّن الراوي، هل هي موصولة، أو مفصولة؟. انتهى.

فيَرُدُّ عليه ما رواه الحاكم، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-: "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يوتر بثلاث، لا يقعد إلا في آخرهن"، ورَوَى النسائيّ من حديث أُبَيّ بن كعب


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٥٥٧ - ٥٥٨.