نحوه، ولفظه:"يوتر -صلى اللَّه عليه وسلم- بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، ولا يسلم إلا في آخرهن"، وبَيَّن في عدة طرق أن السور الثلاث بثلاث ركعات.
ويجاب عنه باحتمال أنهما لم يَثْبُتا عنده، والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التشبه بصلاة المغرب، أن يُحْمَل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين، وقد فعله السلف أيضًا، فرَوَى محمد بن نصر، من طريق الحسن، أن عمر -رضي اللَّه عنه- كان ينهض في الثالثة من الوتر بالتكبير، ومن طريق الْمِسْوَر بن مَخْرَمة أن عمر أوتر بثلاث، لم يسلم إلا في آخرهنّ، ومن طريق ابن طاوس، عن أبيه، أنه كان يوتر بثلاث، لا يقعد بينهنّ، ومن طريق قيس بن سعد، عن عطاء، وحماد بن زيد، عن أيوب مثله.
ورَوَى محمد بن نصر، عن ابن مسعود، وأنس، وأبي العالية أنهم أوتروا بثلاث كالمغرب، وكأنهم لم يبلغهم النهي المذكور، وصحّ عند البخاريّ قول القاسم بن محمد في تجويز الثلاث، ولكن النزاع في تعيّن ذلك، فإن الأخبار الصحيحة تأباه. انتهى، وسيأتي تمام البحث في هذا قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.
٦ - (ومنها): أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا خَشِي أحدكم الصبح. . . إلخ" يدلّ على أن الأفضل تأخير صلاة الوتر إلى آخر الليل.
٧ - (ومنها): أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا خشي أحدكم الصبح" يُستدلّ به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر.
وأصرح منه ما رواه أبو داود، والنسائيّ، وصححه أبو عوانة وغيره، من طريق سليمان بن موسى، عن نافع أنه حدّثه أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كان يقول: من صلى من الليل، فليجعل آخر صلاته وترًا، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بذلك، فإذا كان الفجر، فقد ذَهَب كلُّ صلاة الليل والوتر.
وفي "صحيح ابن خزيمة"، من طريق قتادة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا:"من أدركه الصبح، ولم يوتر فلا وتر له".
وهذا محمول على التعمّد، أو على أنه لا يقع أداءً؛ لما رواه أبو داود، من حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- أيضًا مرفوعًا:"مَن نَسِي الوتر، أو نام عنه فليصلِّه إذا ذكره".